"لماذا لا يعلمون المروحيات جني العسل من الشمس"
بابلو نيرودا*
من أول دقيقة في حلقة "حقول الموت" من برنامج الزميل الإعلامي عبدالولي المذابي "المراقب" على قناة اليمن اليوم اعتصرني ألم شديد وأنا أتابع تفاصيل أبشع ما حدث في الحرب اليمنية.
الألغام الأرضية … قنابل الموت الصامتة التي فرشتها جماعة الحوثي على امتداد الأرض اليمنية لتحصد الأرواح وتقطع الطرقات وتضع مستقبل شعب بأكمله في مهب رياح القلق وانعدام الأمن والأمان .
أطراف مبتورة وعيون مثقوبة ووجوه مشوهة .. حصيلة مرعبة للطوفان الممتد لسنوات من الدعم العسكري الإيراني لجماعة الحوثي ..
تقنيات معقدة في تمويه وإخفاء الألغام.. مشاهد تقشعر لها الأبدان داهمتني وأنا أتابع الحلقة التي أنتجت باحترافية عالية تستحق الاحترام والتقدير للقناة وشخص عبدالولي وطاقمه المتميز .. ِ
السؤال لماذا يجتهد الحوثيون ومن وراءهم في صناعة هذا المنحنى الحقير من القتل والإجرام بحق الأبرياء المدنيين … ؟
هل فكروا أن الشعب يوما ما سيحاكمهم ..؟
وماهي الحصانة والإغراء الذي وعدهم به الشيطان ليكونوا بهذه البشاعة المقززة؟
وبماذا سيبررون أفعالهم هذه أمام الخالق الذي يدعون أنهم يمثلونه في الأرض ؟
أيدولوجية الحوثيين يبرزها شعارهم الذي يبدأ بالموت وينتهي بانتصار غير محدد المعالم ..
ما هو الإنتصار للإسلام الذي يحملون وعده الزائف إلا أنه فقط انتصارٌ للشيطان ومنهجيته في تدمير الإنسانية والحط من شأنها.
إنهم يكرسون قدراتهم الإبداعية في قتل أخوة لهم وطحنهم في معاناة تتجاوز السنين والأحقاب لتغدو مثل اللعنة الأزلية.
هذا الطوفان من البشاعة يذكرنا بمسلسلات الحروب المعاصرة التي حصدت وتحصد ملايين الأرواح وتعذب المليارات و ينبهنا إلى المنزلق الخطير الذي هوت إليه البشرية فيما هي تحمل شعارات التقدم والتطور وتسعى إلى الإزدهار الموعود.
فما أبعد الأهداف عن الحصيلة وما أسهل أن نرفع شعاراً ونفعل نقيضه وما أبعدنا عن التفكير والمنطق حين لا نستخدم المروحيات في جني العسل من الشمس بدلا من القتل والدمار .
—---------------
*نيرودا: شاعر من تشيلي كتب الكثير من القصائد عن الحروب الأهلية في أمريكا اللاتينية خلال حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.