آراء

رفع الدولار الجمركي.. إجراء جديد يدفع ثمنه الفقير

م. سارة الجابري

|
قبل 7 ساعة و 4 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

مرة أخرى، تُثبت الحكومة أنها لا تبحث عن حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية، بل عن أسهل الطرق لتحميل المواطن نتائج فشلها.

قرار رفع الدولار الجمركي ليس إصلاحًا اقتصاديًا كما يُروَّج، بل صفعة جديدة تُوجَّه إلى وجوه الناس الذين أنهكتهم المعيشة وكسرتهم الأعباء.

في بلد يعيش فيه الشعب من دون رواتب منذ أربعة أشهر، وتعود فيه أسعار السلع الغذائية الأساسية للارتفاع بنسبة تتجاوز 20%، يأتي هذا القرار ليصب الزيت على نار الغلاء ويضاعف معاناة الناس.
ما هو الدولار الجمركي؟
الدولار الجمركي هو سعر صرف محدد للدولار الأميركي تعتمده السلطات الجمركية عند احتساب الرسوم والضرائب على السلع المستوردة، ويُستخدم عادةً عندما يكون سعر الصرف في السوق غير مستقر أو مرتفعاً جداً.

يُؤخذ هذا السعر عند تقييم قيمة البضائع المستوردة بهدف تحديد الرسوم الجمركية الواجب دفعها.

من أبرز آثاره الإيجابية أنه يساعد على استقرار أسعار السلع المستوردة ويمنح الدولة مورداً مالياً ثابتاً، كما يسهّل التخطيط المالي للتجار والمستوردين.

أما سلبياته فتتمثل في احتمال ارتفاع أسعار السلع للمستهلكين إذا تم رفع الدولار الجمركي، إضافة إلى تأثيره السلبي المحتمل على النشاط التجاري وحجم الاستيراد في حال أصبح الفارق كبيراً بينه وبين سعر الصرف في السوق.
إلا أن المشكلة الحقيقية لا تكمن في مفهوم الدولار الجمركي ذاته، بل في توقيت رفعه وطريقة تطبيقه، خاصة في ظل وضع اقتصادي هش ومعاناة معيشية خانقة كما هو حال البلاد اليوم.
ليست المشكلة في الموارد.. بل في من ينهبها
الجميع يعلم، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، أن موارد الدولة كافية لو أُديرت بشفافية ووصلت إلى البنك المركزي كما يجب.

فـ80٪ من الإيرادات لا تصل إلى خزينة الدولة، بل تضيع بين المنافذ، والجبايات غير القانونية، والجهات المتعددة التي تتقاسم المال العام دون حسيب أو رقيب.

فكيف يُعقل أن تُبرر الحكومة رفع الدولار الجمركي بحجة “زيادة الموارد”، بينما الموارد نفسها تُهدر أمام أعينها كل يوم؟
قبل أن ترفعوا الدولار الجمركي، ارفعوا أيدي الفساد عن المال العام.

قبل أن تفرضوا على الناس مزيدًا من الأعباء، اضبطوا المنافذ ووحدوا الإيرادات وأوقفوا النزيف المالي.

فليس من العدل أن يُعاقَب المواطن على فسادٍ لم يرتكبه.
الفقير يدفع.. والتاجر يربح.. والحكومة تشاهد
أي خبير اقتصادي بسيط يدرك أن رفع الدولار الجمركي يعني مباشرة زيادة في أسعار كل السلع المستوردة، من الدقيق والأرز والزيت إلى الدواء ومواد البناء.

التاجر لن يخسر شيئًا، سيضيف التكلفة الجديدة على سعر السلعة، والمواطن هو من يدفع الثمن.
ومع غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق، سيتحول هذا القرار إلى كارثة معيشية جديدة تلتهم ما تبقى من رواتب الناس ومدخراتهم، في وقت تعجز فيه الحكومة حتى عن دفع أجور موظفيها لأربعة أشهر متتالية.
الأسعار اليوم تعود للارتفاع بنسب تتجاوز 20% في معظم السلع الأساسية، والناس بين صمتٍ واحتقان، بينما الحكومة تكتفي بالتصريحات واللجان الورقية التي لا تراقب شيئًا ولا تضبط أحدًا.
قرار يقود إلى الهاوية

ما تحقق من استقرار اقتصادي هش خلال الأشهر الماضية سيتبخر بالكامل.

سيرتفع التضخم، وسيتراجع الريال، وسنعود جميعًا إلى نقطة اللاعودة.

إنه قرار لا يمكن وصفه إلا بأنه مغامرة متهورة، لا تراعي الواقع المعيشي ولا تحسب حساب ما سيترتب عليه من فوضى اقتصادية واجتماعية.


كلمة أخيرة
نرفض هذا القرار رفضًا قاطعًا، ونعتبره استهدافًا مباشرًا لقوت المواطن وكرامته.

إذا كانت الحكومة جادة فعلًا في الإصلاح، فلتبدأ من نفسها، من مؤسساتها، من المنافذ والضرائب والموارد المنهوبة، لا من جيوب الناس الفارغة.

الشعب لم يعد يحتمل.

أربعة أشهر بلا رواتب، وأسعار ترتفع كل أسبوع، وفساد لا يُحاسب عليه أحد.


ارفعوا الفساد قبل أن ترفعوا الدولار

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية