لا تزال اليمن تعاني معاناةً لا هوادة فيها، مع دخول البلد عامه الحادي عشر من الصراع، إذ يعتمد ما يقرب من ٢٠ مليون شخص على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، وقد عانى الكثيرون من النزوح المتكرّر، وتفاقم الجوع، وانهيار الخدمات الأساسية.
وقدّرت المنظمة الدولية للهجرة عدد النازحين في جميع أنحاء اليمن بنحو 4.8 مليون شخص، يعيش الكثير منهم في ملاجئ مؤقتة لا توفر سوى القليل من الحماية من قسوة الطقس، وفرص محدودة للحصول على الخدمات الأساسية.
وتعد النساء والأطفال من بين الأكثر تضرّرًا، حيث يتعرضون لمخاطر متزايدة من العنف وسوء التغذية وسوء الحالة الصحية. وفي الوقت نفسه، تفاقم الفيضانات والجفاف والطقس القاسي الوضع المتردي أصلًا.
ويواجه المهاجرون العالقون ظروفًا قاسية مع فرص ضئيلة للنجاة. ومع ذلك، ومع تفاقم نقص التمويل، تعجز الجهود الإنسانية عن مواكبة الوضع، ما يترك أعدادًا لا تحصى من الناس في حاجة ماسة للمساعدة.
وقالت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، آمي بوب في تقرير حديث: "لقد تلاشت الحرب في اليمن عن أنظار العالم، لكن معاناة من يعيشونها لم تتوقف قط".
وأضافت: "بعد أكثر من عقد من الصراع والنزوح والانهيار الاقتصادي، لا يزال اليمن يمثل إحدى أشد الأزمات الإنسانية حدة في العالم. ومع ذلك، ومع تحول الاهتمام العالمي إلى مناطق أخرى، يتضاءل التمويل، والآن، أكثر من أي وقت مضى، ثمة حاجة ماسة إلى التضامن العالمي لمنع تخلف الملايين عن الركب".
والآن، ومع حلول شهر رمضان المبارك، يزداد وطأة هذه الأزمة ثقلًا. وبالنسبة للكثيرين في اليمن، لن يكون الإفطار وقتًا للتجمع والوفرة، بل ليلة أخرى من النوم جائعًا، غير متأكدين مما يخبئه لهم الغد.
وبينما تستعد العائلات حول العالم للعيد، يحتفل اليمنيون بعيد آخر في ظل الحرب، حيث أصبح الفقد والجوع والمشقة أمرًا طبيعيًا.
وأكدت المنظمة أنه رغم الجهود المبذولة لتقديم المساعدات، تصعّب فجوات التمويل الحادة الوصول إلى أشد المحتاجين.
وفي العديد من المناطق، تعيش المجتمعات النازحة على شح المساعدات. ومع تزايد الاحتياجات، تستمر الموارد في التقلص، ما يعرّض الملايين للخطر.
وبينما يعاني اليمنيون من آثار الحرب، لا يزال عشرات الآلاف من المهاجرين عالقين، بعد أن وصلوا إلى البلاد على أمل الوصول إلى الخليج بحثًا عن فرص أفضل.
وبدلاً من ذلك، يواجهون الاستغلال والاحتجاز والعنف ورحلات محفوفة بالمخاطر عبر مناطق نزاع نشطة، وفي عام ٢٠٢٤ وحده، وصل ما يقرب من 60900 مهاجر إلى اليمن، غالبًا دون أي وسيلة للبقاء على قيد الحياة.
ورأت المنظمة الدولية للهجرة أنه بالنسبة للكثيرين، المخرج الوحيد هو برنامج العودة الإنسانية الطوعية التابع لها، والذي يساعد المهاجرين على العودة إلى ديارهم بأمان.
ومع ذلك، فبدون زيادة التمويل، قد تقلص حتى هذه الجهود الحاسمة، ما يترك آلاف المهاجرين عالقين في اليمن في ظروف تزداد سوءًا.
وأضافت بوب: "لا يمكن لشعب اليمن أن يُنسى.. بينما تفطر العائلات بالكاد بما يكفيها من الطعام، ويواجه الآباء عيدًا آخر عاجزين عن إعالة أطفالهم، وبينما يظل المهاجرون عالقين دون طريق للعودة، لا يمكن للعالم أن يتجاهلهم، كل يوم دون عمل يعني المزيد من المعاناة، والمزيد من الخسائر في الأرواح، وأملًا أقل في المستقبل".
ومع دخول اليمن عامًا آخر من الحرب، دعت المنظمة الدولية للهجرة المجتمع الدولي إلى التحرك فورًا قبل إزهاق المزيد من الأرواح.
وخلصت إلى أنه لا تزال الاحتياجات الإنسانية هائلة، وستكون عواقب التقاعس وخيمة.
ويواجه الوضع المتردي أصلًا خطر الإهمال المتزايد، في ظل تنافس الأزمات العالمية على الاهتمام والموارد.