يشكّل تغيّر المناخ تهديداً كبيراً للقطاع السمكي في اليمن، حيث تصل الخسائر إلى 23% بحلول منتصف القرن الحالي، ما يؤثّر على الاقتصاد الأزرق والأمن الغذائي وسبل كسب العيش في المناطق الساحلية.
وقدّر البنك الدولي في تقرير "المناخ والتنمية في اليمن" انخفاض الحد الأقصى لكميات الصيد إلى نسبة تتراوح بين 16.6% و23.1% بين عامي 2041 و2050.
وقال التقرير إنه مع افتراض استمرار معدّلات الصيد الحالية حتى عام 2050، فإن فقدان الإيرادات نتيجة لتغيّر درجات حرارة سطح البحر مقارنةً بعام 2020 يمكن أن يكون له تأثير بنسبة 1% على إجمالي الناتج المحلي الحقيقي.
وتشير التوقّعات إلى أن الآثار المناخية على قطاع الأسماك تزداد تدريجياً مع الاقتراب من منتصف القرن، وستتفاوت هذه الآثار تبعاً لسيناريو المناخ الذي يؤخذ في الاعتبار. ومع ذلك، يظل حجم هذه الآثار غير مؤكد إلى حد كبير، إذ تتجلّى الآثار المادية لتغيّر المناخ على المخزونات السمكية والقطاع السمكي على مستوى مجموعة معقّدة من المسارات المحتملة.
وأفاد التقرير بأن عمليات التصنيع وسلاسل القيمة المحلية بالقرب من الشواطئ تواجه مخاطر زيادة ارتفاع منسوب سطح البحر وغمر المناطق الساحلية، ما يستلزم اعتماد أساليب ونهج متكاملة لإدارة المناطق الساحلية.
كما أن البنية التحتية الساحلية، بما فيها عناصر البنية الضرورية للقطاع السمكي، معرّضة أيضاً لخطر ارتفاع منسوب سطح البحر، وبالتالي يلزم اتخاذ تدابير لحمايتها لضمان استدامة سبل كسب العيش والأمن الغذائي في ظل سيناريوهات المناخ المتوقّعة في المستقبل.
وتمتاز السواحل اليمنية بأنها واحدة من أكثر النظم الإيكولوجية البحرية من حيث التنوّع البيولوجي في العالم، ما يدعم وجود قطاع سمكي غني ومنتج.
ويبلغ عدد الصيّادين حوالي 70 ألف صيّاد، ويشكّلون 98% من إجمالي إنتاج القطاع السمكي.
ويعتمد هؤلاء الصيّادون في المقام الأوّل على سفن صغيرة يقدّر عددها بحوالي 20 ألف قارب، ومعدّات محدودة مقارنةً بأسطول الصيد الصناعي.
وقبل اندلاع الصراع، كان القطاع السمكي يساهم بنسبة 15% في إجمالي الناتج المحلي، وكان مصدراً رئيسياً لفرص العمل والدخل والأمن الغذائي. وبحلول عام 2020، انخفض إنتاج القطاع السمكي إلى 131 ألف طن متري.
وفي عام 2013، قدّرت كمية الأسماك التي تم صيدها بنحو 229 ألف طن متري، وكان معظمها من أسطول الصيد الحرفي في اليمن.
ويتم تصدير معظم كمية الصيد، حيث لا يستهلك منه في السوق المحلي سوى 25% فقط بسبب تفضيلات المستهلكين، وارتفاع الأسعار، والخسائر الكبيرة التي يتكبّدها القطاع في سلسلة الإمداد، نظراً لمحدودية قدرات سلاسل التبريد.
ويساهم القطاع السمكي في اليمن بشكل كبير في توفير فرص اقتصادية، حيث تشكّل الصادرات مكوّناً أساسياً للاقتصاد.
وبحسب تقرير البنك الدولي بلغت قيمة صادرات الأسماك في عام 2022 حوالي 154 مليون دولار، لتسهم بذلك بنسبة 9% من إجمالي الصادرات، وهو ما يعني انخفاضاً بنسبة 25% مقارنةً بصادرات عام 2021 التي بلغت 204 ملايين دولار، وهي أقل بكثير من الذروة التي سجّلتها في عام 2010 والتي بلغت 323 مليون دولار.
وشكّلت الأسماك حصة كبيرة من صادرات الأغذية الزراعية، حيث بلغت نسبتها 47% في عام 2019، وكانت وجهات التصدير الرئيسية هي شمال أفريقيا وغرب آسيا وأوروبا وجنوب شرق آسيا وعمان والمملكة العربية السعودية.
ويسهم القطاع السمكي في توفير فرص واعدة لكسب العيش، ويمثّل مصدراً مهماً للوظائف، لا سيّما بالنسبة للنساء.
وتهيمن المشاريع الصغيرة على هذا القطاع، حيث توفّر سبل كسب العيش لنحو 115 ألف من صغار الصيّادين ونحو مليون فرد من أفراد أسرهم. كما يوفّر القطاع فرص عمل لنحو 500 ألف شخص آخرين على مستوى سلسلة القيمة، ما يدعم 18% من سكان المناطق الساحلية (إجمالي عدد السكان يبلغ 9.4 مليون نسمة).
ويشكّل الصيّادون غالبية القوى العاملة (79.5%)، في حين يشكّل العاملون في القطاع غير الحكومي والقطاع الخاص 2.8% و17.7% على التوالي.