في مشهد يعكس استمرار توظيف القضاء كأداة قمع سياسي، أعادت مليشيا الحوثي خلال الساعات الماضية إنتاج مشاهد المحاكمات الصورية، بعقد جلسة جديدة ضد عدد من الموظفين السابقين في السفارة الأمريكية، بتهم جاهزة وملفقة تتعلق بالتخابر في إطار حملة ترهيب ممنهجة تستهدف المدنيين والعاملين في المجالين الإنساني والدولي.
مصادر حقوقية أكدت أن الجلسة عُقدت أمام محكمة تابعة للمليشيا وغير معترف بها قانونيًا، في تجاهل كامل لأبسط معايير العدالة والنزاهة القضائية.
وأوضحت المصادر أن ما تسميه المليشيا «أدلة إثبات» يفتقر لأي أساس قانوني، ويقوم على اعترافات قسرية وانتزعت تحت الضغط، ضمن نمط متكرر تعتمد فيه الجماعة تهمة «التخابر» كغطاء لتصفية حساباتها، ومحاولة التغطية على فشلها الأمني واختراقها الداخلي الذي طال قيادات من الصف الأول خلال الفترة الماضية.
ويرى مراقبون أن إعادة فتح هذه القضايا ومحاكمة موظفين سابقين في بعثات دبلوماسية يأتي في سياق سعي المليشيا لصرف الأنظار عن إخفاقها في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتراجع قدرتها على ضبط الوضع الأمني، عبر خلق «أعداء وهميين» وتقديمهم للرأي العام في صورة جواسيس وعملاء.
وقد قوبلت هذه الخطوة بإدانات دولية واسعة، حيث استنكرت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى إحالة موظفين أمميين وموظفين سابقين في بعثات دبلوماسية إلى محاكمات غير قانونية.
وأكدت واشنطن في بيان سابق أن "الحوثيين يواصلون استخدام الترهيب والمحاكمات الصورية لصرف الأنظار عن عجزهم عن الحكم بطريقة شرعية»، معتبرة أن هذه الإجراءات «دليل واضح على ضعف الجماعة، وانعدام ثقتها بنفسها".
وتؤكد منظمات حقوقية أن هذه المحاكمات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقيات حماية العاملين في المجال الدبلوماسي والإنساني، محذرة من أن استمرار الصمت الدولي يشجع المليشيا على التمادي في استهداف المختطفين، واستخدامهم كورقة ابتزاز سياسي.
وفي ظل استمرار هذه الانتهاكات، تتجدد الدعوات إلى تحرك دولي أكثر فاعلية للضغط على ميليشيا الحوثي، ووقف استغلال القضاء كأداة قمع، وضمان الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين على خلفيات سياسية أو مهنية، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة.