تتواصل تداعيات مشهد المواطن الذي أحرق نفسه في ميدان السبعين بصنعاء أثناء مظاهرة حوثية؛ احتجاجا على الظلم والفساد الذي تعرض له من قبل قيادي حوثي ومصادرته لأرض يمتلكها، في حادثة هي الأولى من نوعها لمواطن متحوث لم تشفع له خدماته للعصابة الحوثية وتضحيات أسرته معها في حماية ممتلكاته من سلطتها النهبوية.
ربما لم يجد المواطن عبد الغني الرازحي من وسيلة لفضح جماعة ناهبة لممتلكات اليمنيين سوى القيام بإحراق نفسه امام حشودها المتظاهرة بصنعاء، بدلا من التوجه للقضاء لإنصافه.
لجوء الرازحي لحرق نفسه حمل أكثر من دلالة، فهو من جهة يعلم جيدا أن جماعته متحكمة بالقضاء كله، فكيف يشتكي بعصابة هي الخصم والحكم؟ ومن جهة اختار توقيتا محرجا لها خلال مظاهراتها الداعمة لغزة ولبنان ليكشف العالم أن من يزايد على القضية الفلسطينية ويدّعي محاربة اسرائيل يحارب اليمنيين وينتهك كرامتهم ليل نهار!
وكان الرازحي ظهر في مقطع فيديو الجمعة الفائتة وهو يتهم رئيس هيئة الاوقاف الحوثية عبدالمجيد الحوثي ومدير مكتبه وليد العلوي بأنهما صادرا أرضا له بزعم أنها من أملاك الأوقاف، مؤكدا أن لديه وثائق ومخطوطات ورثها عن أجداده تُثبت ملكيته، وحاول استعادتها مرارًا لكنه قوبل بتجاهل قيادات الحوثي الذين استغلوا سلطاتهم لمصادرتها.. ثم ظهر وهو يسكب البنزين على جسده ويشعل النيران قبل أن يسارع مواطنون بجواره لإطفائها..
حادثة صادمة أثارت موجة من التعاطف والغضب الشعبي، حيث اعتبر ناشطون على وسائل التواصل أنها تكشف حجم الفساد والظلم وجور الانتهاكات التي ترتكبها العصابة الحوثية بحق اليمنيين، والاستيلاء على ممتلكاتهم بذرائع مختلفة.. مادفعها لتحريك أبواقها لامتصاص السخط الشعبي.
حيث زعمت مصادر حوثية أن الحادثة مدبرة ومرتب لها من الشخص الذي أحرق نفسه وأن كل من كانوا حوله يتبعونه، وأنه تم الاتفاق مسبقا على طريقة الإحراق والإطفاء التي تدربوا عليها، بدليل أنه لم يصب بأذى كبير، وأنه معروف بنهب اراضي وقفية، واستخدام القوة باسم أنصار الله..
فيما شطح الإعلامي الحوثي نصر عامر في تسجيل على منصة إكس، زاعما أن الصهاينة وعملاءهم استغلوا الحادثة لتشويه موقف جماعته تجاه غزة، ورغم اعترافه ان الرازحي محسوب على جماعته ادعى أنهم لن يسمحوا لأيٍ كان مهما بلغت مكانته أن ينهب أموال الناس باسم انصارالله.. بدورها اصدرت هيئة الأوقاف التابعة للحوثي بيانا صادما ادعت فيه أن الرازحي تظاهر بمحاولة إحراق نفسه لإثارة الرأي العام، زاعمة أنه لم يسبق أن تقدم اليها بأي شكوى مطلقا، واعترفت بوجود عصابات داخل مليشيا الحوثي لنهب الأراضي، حيث زعمت إن الرازحي المنحدر من صعدة يعمل ضمن عصابة تنهب أراضي الأوقاف، يتزعمها جبران الشامي الذي اتهمته بتصوير حادثة الإحراق وتدبيرها للضغط على الهيئة لتسليمه أراض وقفية!
مبررات كهذه أثارت سخرية شعبية واسعة شككت في مصداقية التبريرات الحوثية، سيما أن هذه الحادثة ليست الأولى، فالعديد من المواطنين صودرت أراضيهم من قبل الهيئة وقيادات حوثية نافذة.. حيث سخر البرلماني في صنعاء عبده بشر بقوله إن ما أورده نصر عامر وبيان الأوقاف يؤكد أن الوضع خرج عن السيطرة ويثير الشفقة على المليشيا، محذرا من لعب الجهال لدى سلطاتها واستمرار تدهور الأوضاع والظلم ومعاناة الناس!
فيما أثار عبد السلام الكبسي رئيس مؤسسة بيت الشعر اليمني تساؤلات حول مزاعم عبدالمجيد الحوثي رئيس هيئة الأوقاف بشأن إنصافه للناس وحله لقضاياهم، مؤكدا في تغريدته على منصة إكس أن الهيئة قامت بمصادرة أوقاف خاصة بقبيلته منذ سنوات ولم يتم البت في قضيتهم.
وأضاف: نحن والهيئة في المحكمة منذ2015 بعد مصادرتهم أوقافنا الخاصة (وقف ذُرّي). مؤكدا علمه بأناس نهبوا أموالهم دون وجه حق، فضلا عن المماطلة واحتجاب عبدالمجيد الحوثي عن النظر في شكاوى الناس!