منذ دخول الأجندة الايرانية على الخط وتدخلها في المنطقة العربية تسببت في إشعال فتنة طائفية اشعلت الحروب بين ابناء البلد الواحد، من خلال اصرارها على ايجاد جماعات محلية مسلحة لتكون أذرعاً لها وبديلا للأنظمة العربية.. مااحدث انقساما عربيا عميقا وأشعل صراعات داخلية مدمرة شغلت العرب عن القضية المركزية والعدو التاريخي، وحولت الوشائج العروبية المشتركة الى كراهية شعبية عميقة تتمنى زوال ايران واذرعها؛ لا زوال اسرائيل فقط.
بمرور عام كامل على كارثة غزة؛ تكون القضية الفلسطينية قد مرت بأصعب مراحلها على الإطلاق منذ اندلاع طوفان الاقصى في اكتوبر الماضي، وما انتجه من حرب مدمرة وابادة جماعية وفظائع صهيونية مهولة حصدت اكثر من 42 الف شهيد فلسطيني واكثر من مئة الف جريح، وحولت غزة الى ارض مدمَرة غير صالحة للحياة، بجانب اعتقال الالاف من الفلسطينيين، وتزايد جرائم المستوطنين في القدس والضفة، وتعاظم العداء اليهودي للفلسطينيين، وعودة لبنان الى لعنة الحرب والدمار من جديد، وسط خذلان اممي عاجز عن ردع التوحش، وتوهان عربي محير اختلط حابله بنابله وتداخلت حساباته وضاعت بوصلته؛ وانقسمت مواقفه انقساما عميقا حتى على مستوى الشارع العربي؛ بين مناصر لغزة وبيروت، وآخر متفرج سلبي؛ نكاية بإيران واذرعها.
انقسام عربي صادم أدى الى ترك فلسطين ولبنان هذه المرة وحيدتين في مواجهة الهمجية الاكثر بشاعة في التاريخ، لكنه انقسام لم يكن ليحدث وفق مراقبين لولا دخول الأجندة الايرانية على الخط وتدخلها في شئون المنطقة منذ احتلال العراق وتدمير قوته الضاربة، بسبب اصرارها على تصدير ثورتها الخمينية الى المنطقة العربية واشعال فتنة طائفية بين مجتمعاتها، من خلال تكوين مليشيات شيعية مسلحة دعمتها بالمال والترسانات والبنية التنظيمية المتكاملة لتكون بديلا للأنظمة العربية القائمة؛ كجماعة الحوثي في اليمن، او شريكا سياسيا معطِلا للدولة كحزب الله في لبنان والعراق، وفرضتها بالقوة كأذرع لها، بذريعة نصرة القضية الفلسطينية وإفشال مخططات التطبيع وتحرير القدس، الامر الذي احدث شرخا عربيا عميقا وأشعل حروبا وصراعات محلية شغلت العرب عن قضيتهم المركزية، وقتلت الاف اليمنيين والعراقيين واللبنانيين وحتى الفلسطينيين فيما بينهم، وخلخلت الشعور الأزلي بوحدة المصيرالعربي، بعد ان اتجهت بنادق الأخوة نحو بعضهم؛ بدلا من توجيهها نحو العدو المشترك.
لقرابة عقدين من التمزق الداخلي راهنت إيران على اذرعها الطائفية المسلحة في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، بجانب المقاومة الإسلامية في فلسطين، وقدرتهم بمفردهم على مواجهة وحش صهيوني وترسانته الهائلة نيابة عن إيران، رافعة شعار زوال اسرائيل من الوجود، وداعية العرب للانضمام الى ركبها الجهادي المقدس بدلا من انتقاد مصائبها، متناسية أن الشرخ الذي خلقته بين الشعوب العربية الجريحة فرّق الشمل وأوهن العزم، وتحول الى كراهية شعبية عميقة تتمنى زوال ايران واذرعها من الوجود؛ لا اسرائيل فقط.
وإزاء خذلان كارثي كهذا يبقى الفلسطينيون واللبنانيون عالقين حتى إشعار آخر؛ ضحية انقسام عربي مزمن وفتنة إيرانية مدمرة أفسدت وشائج القربى، فضلا عن بعبع أمريكي أوربي متصهين كبّل دول المنطقة كلها؛ وأعاقها عن واجب النصرة والمدد!!