أصدر المركز العربي في واشنطن دي سي تقريرا حول تقييم وجهات نظر دول مجلس التعاون الخليجي للضربات الأمريكية البريطانية على الحوثيين.
وقال التقرير برغم أن جميع أعضاء مجلس التعاون الخليجي الستة لديها مخاوف جدية بشأن تأثير سلوك الحوثيين على طرق الشحن، والتي تعتبرها ضرورية لشحنات النفط والغاز التي تستند إليها اقتصادات الخليج، إلا أنها ومنذ بدء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة العمليات العسكرية ضد الحوثيين في يناير الماضي بهدف "ردع" هجماتهم البحرية، اعتبرت معظم دول الخليج العربية هذا التدخل الغربي خاطئا.
وأضاف أنه على الرغم من معارضتهم لهجمات الحوثيين، إلا أن القادة في معظم دول مجلس التعاون الخليجي يرون في حملة القصف الأمريكية البريطانية ضد الحوثيين استراتيجية غير واقعية وخطيرة.
وحول مواقف دول مجلس التعاون الخليجي، قال التقرير إن أعضاء المجلس فقدوا الثقة في قدرة الولايات المتحدة على توفير قيادة أكثر توازنا في الشرق الأوسط. حيث يعتقد العديد من المسؤولين في الخليج العربي أن التدخل الأمريكي البريطاني ضد الحوثيين هو حملة عبثية قد تخلف لدول المنطقة مشكلة تحسين ما أفسدتهما بعد أن تنأى واشنطن ولندن في نهاية المطاف بنفسيهما عن المنطقة. مضيفا بالقول تدرك حكومات الخليج العربي بشكل متزايد أن واشنطن تتجاهل المخاوف الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بالحوثيين وإيران، بينما تقدم شيكات على بياض لإسرائيل.
وذكر التقرير أنه في شهر يناير الماضي في أعقاب الإعلان عن "عملية حارس الازدهار"، أثارت بعض دول مجلس التعاون الخليجي مخاوف بشأن تصرفات واشنطن ولندن، فقد حذرت قطر الغرب من "التركيز فقط على الأعراض" مع تجنب السبب "الحقيقي" وهي حرب إسرائيل على غزة، فيما أعربت الكويت عن "قلقها البالغ واهتمامها الشديد بالتطورات في منطقة البحر الأحمر في أعقاب الهجمات التي استهدفت مواقع في اليمن"، وذهبت عمان إلى أبعد من ذلك و"أدانت استخدام العمل العسكري من قبل الدول الصديقة" و"شجبت اللجوء إلى العمل العسكري من قبل الحلفاء (الغربيين) بينما تستمر إسرائيل في حربها الوحشية دون مساءلة".
وتابع التقرير أنه ليس من المستغرب أن يكون رد فعل مسقط والدوحة ومدينة الكويت سلبيا على التدخل العسكري الأمريكي البريطاني ضد الحوثيين، إذ لم تشارك عمان أبدا في التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين والذي بدأ في عام 2015، كما انفصلت قطر عن التحالف بعد ذلك بعامين، ولعبت الكويت دورا رمزيا في الغالب، غير أن قرار المملكة العربية السعودية بالنأي بنفسها عن العمل مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ربما يكون هو الأكثر لفتا للنظر.
وكانت المملكة العربية السعودية في السابق أكثر دول مجلس التعاون الخليجي تشددا تجاه الحوثيين، إذ كانت في الماضي مستعدة بقوة لدعم العمل العسكري الغربي ضد الجماعة، غير أنه مع ذلك، تسعى المملكة اليوم إلى تجنب الحرب مع الحوثيين بأي ثمن تقريبا. كما لم تدعم الإمارات الإجراءات الأمريكية البريطانية بشكل صريح، على الرغم من أنها لم تدينها أيضا، وقد شددت أبو ظبي في 12 يناير على أهمية الحفاظ على الأمن في خليج عدن والبحر الأحمر، واتخذت موقفا محايدا إلى حد ما.
وأشار التقرير إلى أن المسؤولين العرب الخليجيين قد تجنبوا عموما انتقاد واشنطن ولندن علنا بشأن هذه القضية. فنظرا إلى الشراكات الوثيقة لأعضاء مجلس التعاون الخليجي مع العاصمتين الغربيتين، ربما اختاروا التعبير عن مخاوفهم سرا لتجنب أي مشاحنات كبيرة.
وأوضح التقرير أن أحد العوامل الرئيسية في حسابات دول مجلس التعاون الخليجي يتمثل هذه في درء خطر الهجمات الانتقامية الحوثية.
كما لفت إلى أن قلق المسؤولين في دول الخليج العربية يتزايد من احتمال امتداد حرب غزة إلى الخليج العربي ويريدون تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن.
وأفاد التقرير أن قادة دول الخليج العربية يتفقون على ضرورة نزع فتيل التوترات في اليمن ومنع تفاقم الأزمات الأمنية في خليج عدن والبحر الأحمر، مبينا أن لدى معظم دول مجلس التعاون الخليجي مخاوف مشروعة حول الإمكانية التي قد يعرض بها العمل العسكري الأمريكي والبريطاني في اليمن أمنهما للخطر.
وأكد التقرير أن السعودية والإمارات تحافظ على الانفراجة مع إيران، فمع استعادة الإمارات للعلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران في عام 2022 وتطبيع المملكة العربية السعودية للعلاقات مع الجمهورية الإسلامية في العام التالي، ارتأت كل من أبو ظبي والرياض أن إبقاء الحوار مفتوحا مع إيران يخدم مصالح بلديهما. وبدلا من التعامل مع إيران بطريقة المواجهة، يرى كلا العضوين في مجلس التعاون الخليجي أن التواصل الدبلوماسي مع طهران هو الطريقة الأكثر واقعية لحماية دول الخليج العربية من الخطر الإيراني المفترض. إذ تسعى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى تجنب العودة إلى التوترات التي ابتليت بها دول الخليج خلال العام 2019.
كما يدرك المسؤولون الإماراتيون والسعوديون علاقة إيران الوثيقة مع حكومة الأمر الواقع في صنعاء وقدرة طهران على التأثير على الحوثيين، فأحد المخاوف الرئيسية في أبو ظبي والرياض هو أن دعمهما للعمليات العسكرية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد الحوثيين يمكن أن يعطل انفراجتهما الهشة مع إيران. فإذا خرج الانفراج عن مساره، فإن طهران لديها "ورقة الحوثيين"، مما يعني أن إيران يمكن أن تشجع أنصار الله على استئناف أعمالهم العدائية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي.