محلي

كيف ترد الولايات المتحدة على تصعيد الحوثيين للهجمات في ظل عدم نجاعة نهجها الحالي؟

معهد دول الخليج العربي في واشنطن/ ترجمة: اليمن اليوم:

|
12:07 2024/06/23
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

 

اعتقل الحوثيون في تاريخ 6 يونيو العديد من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، وصنفونهم بما أسمته الجماعة "خلية تجسس أمريكية إسرائيلية". وبعد ستة أيام، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن أول هجوم ناجح لهم بقارب مسير، حيث ضربوا ناقلة البضائع المملوكة لليونان "توتور" قبالة سواحل اليمن في البحر الأحمر. وفي الوقت نفسه، بعد الانخفاض خلال شهر رمضان، تتزايد هجمات الحوثيين على الشحن التجاري في البحر الأحمر وحوله مرة أخرى. وتشير تقارير الاستخبارات الأمريكية إلى أن الحوثيين يتواصلون للمرة الثانية  بحركة الشباب في الصومال بشأن عمليات نقل الأسلحة، وتواصل الجماعة البحث عن طرق لتوسيع نطاق وصولها، وتهديد السفن البعيدة في البحر الأبيض المتوسط. وتشير هذه التطورات الأخيرة إلى أن الحوثيين يصعدون ويتطلعون إلى توسيع حربهم مع الولايات المتحدة.

لا ينبغي أن يكون هذا أمر مفاجئا: فهذا هو النهج الذي اتبعه الحوثيون خلال حروبهم الست المتتالية ضد حكومة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من 2004-2010. سيواجه الحوثيون انتكاسة، مثل وفاة مؤسسهم في عام 2004، أو تدمير مزارعهم، ثم يعيدون تجميع صفوفهم ومعاودة الهجمات. كان القاسم المشترك لكل هذا هو الصيغة البسيطة للتصعيد والتوسع. تركزت حرب الحوثيين الأولى، من يونيو إلى سبتمبر 2004، إلى حد كبير، في محافظة صعدة الشمالية. وبحلول عام 2005، امتد القتال إلى محافظة عمران المجاورة. ثم، على مدى العامين التاليين، تسللت المعارك جنوبا حتى سمع السكان في صنعاء القصف. اليوم، بالطبع، يسيطر الحوثيون على جزء كبير من شمال اليمن. غير أنه في حين أن عدو الجماعة قد تغير من صالح إلى الولايات المتحدة، فإن استراتيجيتها لم تتغير. لا يزال الحوثيون يتطلعون إلى تصعيد الحرب وتوسيعها.

تشير تصرفات الحوثيين في أوائل شهر يونيو بشكل خاص إلى كيفية سعيهم للقيام بذلك. أولا، سيتجه الحوثيون إلى زيادة عدد الهجمات. وكلما زاد عدد الصواريخ والطائرات المسيرة التي يطلقونها، زاد احتمال نجاحهم. ثانيا، كما يشير قارب المسير الموجه، سيتوجه الحوثيون إلى استخدام أسلحة وأشكال جديدة من الهجمات. ومن المرجح أن تساعدهم إيران في ذلك، التي قد تستخدم الحوثيين لاختبار منصات أسلحة جديدة. ثالثا، كما هدد الحوثيون بالفعل، سيحاولون توسيع أهدافهم إلى ما وراء البحر الأحمر وإلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط. فكلما اتسعت المنطقة المستهدفة، زاد تأثيرها. رابعا، وفي سياق متصل، سيتطلع الحوثيون إلى الاعتماد على محور المقاومة الإيراني من خلال الشراكة مع الجماعات التي، بالرغم من أنها ليست بالضرورة متحالفة أيديولوجيا، إلا أن لديها أهداف مماثلة على المدى القصير، مثل حركة الشباب. وكلما زاد عدد التهديدات التي يمكن أن يمثلها الحوثيون للولايات المتحدة داخل المنطقة، كانت فرصهم في النجاح أفضل. غير انه ربما يكون أكثر سبل التصعيد إثارة للقلق هو ما يمكن تسميته بنهج "استغلال نقاط الضعف". هذا ما فعله الحوثيون من خلال اعتقال موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية ثم تصنيفهم بما تسميه الجماعة بشكل مثير للسخرية شبكات التجسس. يمكن للحوثيين الضغط على الولايات المتحدة من خلال الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية، مما يزيد بشكل أساسي من مخاطر الصراع.

كل هذا يخلق مشكلة للولايات المتحدة، التي سعت منذ البداية إلى بذل أقل قدر ممكن للتخفيف من هجمات الحوثيين. وبطبيعة الحال، فإن الكثير من هذا الحذر هو نتيجة لمحاولة تجنب الانجرار إلى حرب إقليمية أوسع، غير أن وضع الولايات المتحدة أيضا في موقف لا تحسد عليه حيث تتبع الرد على هجمات الحوثيين بدلا من السيطرة على زمام المبادرة.

في شهري أكتوبر ونوفمبر 2023، عندما بدأ الحوثيون بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، استقرت الولايات المتحدة على نهج دفاعي فقط، حيث أسقطت صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة. ثم، في شهر يناير الماضي، عندما أصبح من الواضح أن الدفاع فقط لم يكن كافيا، أصدرت الولايات المتحدة تحذيرا علنيا، ثم بدأت بتنفيذ ضربات محدودة على مواقع الإطلاق الخاصة بالحوثيين في اليمن.

على مدى الأشهر الستة الماضية، كان هذا هو النمط المتبع إلى حد كبير: يطلق الحوثيون صواريخ أو طائرات مسيرة على السفن التجارية، وتقوم الولايات المتحدة بإسقاطها، ثم، في كثير من الأحيان، تشن ضربات هجومية مضادة ضد أهداف للحوثيين في اليمن. وكما قال قادة البحرية الأمريكية مؤخرا لوكالة أسوشيتد برس ، فإن هذه هي "المعركة البحرية الأكثر كثافة التي واجهتها البحرية منذ الحرب العالمية الثانية". غير أنه بالرغم من كل النجاحات التكتيكية في إسقاط هجمات الحوثيين، لم تحقق الولايات المتحدة أهدافها الأوسع المتمثلة في ردع الحوثيين عن تنفيذ هجمات أو إضعاف الجماعة إلى الحد الذي يجعلها غير قادرة على تنفيذ هجمات في المستقبل.

وبدلا من ذلك، ينتهج الحوثيون التصعيد، كما في الماضي، ويسعون إلى توسيع الحرب. تجد الولايات المتحدة نفسها الآن في موقف مماثل لما كانت عليه قبل ستة أشهر: كيف ينبغي عليها أن ترد على هجمات الحوثيين عندما يظهر نهجها الحالي بأنه غير صالح؟

لم ينجح نهج الدفاع فقط فيما مضى، والآن يظهر نهج الضربات العسكرية المحدودة بأنه غير صالح. وهذا يترك الولايات المتحدة أمام خيارين غير فعالين بنفس القدر. إما أن تستمر في نهجها في الدفاع عن الشحن التجاري وشن ضربات دورية على أهداف للحوثيين في اليمن وتأمل أن يتغير شيء ما، أو تقوم بالتصعيد بما يتناسب مع تصعيد الحوثيين. ولسوء حظ الولايات المتحدة، لا يحظى كلا الخيارين باحتمال كبير للنجاح. إن النهج الأمريكي الحالي غير صالح، وبالتالي فمواصلة هذا النهج لن يردع الحوثيين أو يحط من قدرهم. من ناحية أخرى، فإن زيادة الهجمات العسكرية هو بالضبط ما يريده الحوثيون. يريد الحوثيون حربا أوسع نطاقا مع الولايات المتحدة، من ناحية لأنها جيدة لهم محليا وإقليميا، ومن ناحية أخرى لأن الحوثيين يعتقدون أنهم يستطيعون الصمود وتحمل الألم أكثر من الولايات المتحدة.
كما هو الحال دائما في اليمن، فلا توجد إجابات سهلة أو واضحة للولايات المتحدة.
--------------------
غريغوري جونسن هو زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، وعضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية