كشف تقرير دولي أن نتائج التحقيقات في تمويل منظّمة الصحة العالمية ومنظّمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في اليمن، أظهرت حالات واسعة النطاق من الفساد والاختلاس ومساعدة المقاتلين الموالين للميليشيا الحوثية على الإثراء الذاتي.
وأكد تقرير أصدره أخيراً "مركز موارد مكافحة الفساد" (U4) وهو مؤسّسة أكاديمية وبحثية مقرّها النرويج أنه في إحدى الحالات اتّهم أحد موظّفي مكتب منظّمة الصحة العالمية في اليمن بتلفيق كشوف الرواتب والموظّفين.
ولاحظت منظّمة الصحة العالمية أيضاً مشكلات تتعلّق بنقص مراقبة المشتريات والتوظيف، فضلاً عن الضوابط المالية غير المرضية حتى عام 2018، لا سيّما في مكتبها في صنعاء.
وذكر التقرير الذي اطّلع عليه "اليمن اليوم" أن منظّمة اليونيسف قامت بالتحقيق في الحالات التي سمح فيها الموظّفون لمسؤول حوثي باستخدام إحدى مركبات اليونيسف، ما وفّر له الحماية من الضربات الجوية. كما تم الإبلاغ عن الفساد خلال الدعم المالي الذي قدّمته اليونيسف لمؤسّسة المياه الحكومية والتي تهدف إلى إعادة صيانة شبكات المياه والصرف الصحي.
وأدّى ذلك إلى تساؤلات جدية حول الحياد في توزيع المساعدات وإدارتها، ومخاوف بشأن تعرّض مكاتب الأمم المتحدة للاستيلاء من قبل المسلّحين عن طريق التهديد أو الترهيب أو الفساد. وكانت هناك تقارير متعدّدة عن تواطؤ موظّفي الأمم المتحدة في تحويل المساعدات، بما في ذلك حوادث اختطاف شاحنات الإمدادات الطبية من قبل الجماعات المسلّحة لتوزيعها على المسلّحين أو بيعها لتحقيق الربح.
ووفقاً لمكتب منسّق الشؤون الإنسانية تلقّت اليمن 2.25 مليار دولار من مجموعة من الجهات المانحة (معظمها غربية). وعلى الرغم من أن هناك حاجة كبيرة للتمويل، إلا أن تدفّق المساعدات وفّر فرصاً كبيرة للإثراء غير المشروع لأطراف النزاع.
وأفاد التقرير الدولي بأن تدفّقات المساعدات لم تتم مراقبتها بشكل كاف، وأن عوامل مثل القيود المفروضة على الحركة جعلت من الصعب على الجهات المانحة الدولية والجهات الإنسانية الدولية والمنظّمات غير الحكومية السيطرة على سلعها عند دخول البلاد.
وبدلاً من المساهمة في حل النزاع وتعزيز الاستقرار، فإن الكثير من المساعدات التي تصل إلى اليمن تؤدّي إلى تفاقم الحرب من خلال تعزيز اقتصاد الحرب وإطالة أمد الاعتماد الوطني على المساعدات الإنسانية.
وفي الآونة الأخيرة، كشف تقرير مشترك لحقوق الإنسان أن العديد من هيئات ومكاتب الأمم المتحدة شاركت في تقديم الدعم المالي واللوجستي والعيني لجماعة الحوثي والأطراف الأخرى التابعة لها تحت ذرائع مختلفة، مثل إزالة الألغام.
ويؤكد التقرير الذي تقوده خمس منظّمات محلية لحقوق الإنسان، بما في ذلك "المنظّمة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات" (هود)، أن مبلغ 176 مليون دولار المخصّص لمبادرات إزالة الألغام قد تم استغلاله لأغراض عسكرية، في الغالب من قبل الحوثيين. وفي أعقاب هذه الادّعاءات، وجّه النائب العام اليمني النيابة العامة في محافظة مأرب لبدء التحقيق في هذه الادّعاءات.
ودعا الناشطون اليمنيون إلى الشفافية في إنفاق المساعدات، من خلال حملات مثل حملة "أين المال؟" لتسليط الضوء على انعدام الشفافية في تقديم المساعدات في اليمن الذي مزّقته الحرب.
وبسبب المخاوف بشأن مخاطر الفساد التي تنطوي على تدفّقات المساعدات في اليمن، أعرب المانحون الرئيسيون عن أنهم يفكّرون في خفض المساعدات الإنسانية للبلاد.
وفي عام 2020، حثّ بعض المانحين الدوليين على "تقليص وإعادة تركيز" المساعدات، خاصةً في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وكان هذا النداء بسبب التحديات، مثل العقبات البيروقراطية المفرطة، والقيود غير المبرّرة على الحركة، وقضايا السلامة، التي أعاقت تقديم المساعدات بشكل محايد وفعّال.
وفي عام 2019، هدّد برنامج الأغذية العالمي "التابع للأمم المتحدة" بتعليق المساعدات بسبب قيام المتمرّدين الحوثيين بتحويل المساعدات الغذائية لتحقيق مكاسب خاصة بهم، وذلك في وقت يعاني فيه السكان اليمنيون من عدم استقرار غذائي خطير.