آراء

عندما تخذل الدولة صانع مستقبلها” المعلم”

سعدان مسعد اليافعي

|
10:56 2022/08/29
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook
 
أبرز أعمدتها، وركنها الوثيق الذين بهم تنهض الدول ، وبرحيلهم تطيح وتنهار دول وتنقرض .. هم ورثة الأنبياء أوصت الشريعة الإسلامية بهم وقدست فكرهم ، وجعلتهم الأقرب لتبؤ مكانة في الصالحين ، لما يجسدونه من معارف وفكر وعلوم وأخلاق في الأجيال المتعاقبة منذ زمن الأولين حتى عصرنا التقني الحديث.
 
المعلم في وطني ، الذي خذل من الجميع، خاصة من يجب عليها رفع مكانته ومعيشته والدفاع عن حقوقه ” حكومة بلاده” التي أذلته وأوجعته وجعلت منه متسولً للحقوق، وهو عزيز النفس ذو شكيمة وكبرياء، لكنها تلك الأوطان عندما يحكمها الجهلة والمتسلقون ، أوطان تذهب إلى هاوية الدمار دون أن تعلم وهذه الكارثة، حيث جعلت صانعي مستقبلها وعمادة فكرها ومربي أجيالها في نهاية سلم اهتماماتها أن كان هناك اهتمام ، بل تناست نخبة مهمة في المجتمع لتجعل منهم فئة “للجوع والحرمان “.
 
المعلم هو أكثر فئات المجتمع “صبوراً” عزيز النفس ، متعفف، مخلص، صامد ووطني، لا أحد يسمع أنينه ووجعه المستمر في جوانحه ، يتحمله من عام إلى آخر على أمل انبلاج فجر جديد يشع بالسعادة والأمل ، لكنها الأزمات تستمر والصراع يتصاعد والمعيشة تتدهور ، وضعت المعلم في فوهة تلك الأحداث ليسقط هذه المرة ولم يستطع النهوض فقد عجز الصبر ذاته عن الصبر والتحمل نظراً للأحداث التي جعلت الكثير يرفضها ويحتج عليها ، فما بالك بالمعلم الذي يعتبر أفقر الموظفين بالوطن وأقلهم دخلا براتب يتهاوى من عام إلى آخر وتتصاعد بجنباته الأزمات.
 
أين نحن من أولئك المعلمين الذي يتكبدون الألم والأوجاع؟! والكل في غفلة عنهم لا يتذكرهم إلا مع بداية عام دراسي جديد ، ليسلطوا أقلامهم “للمزايدة” على تقاعسهم وعدم قيامهم بواجبهم خاصة احتجاجهم بعدم إستئناف الدراسة ليقوموا بتعليم أبناءنا ، ولم نكترث لأبنائهم عندما لا يستطيع أبوه المعلم توفير مستلزمات المدرسة لأولاده ليتعلموا مع أقرانهم ، نظراً للغلاء الفاحش ، فراتبه الزهيد لا يكفي لتغطية واجباته المنزلية والمدرسية ، أننا أمام معضلة كبرى يجب أن نفكر بها جميعاً ونقف صف واحداً لبحث المعالجات … لا أن ترمى الكرة في ملعب المعلم المطحون الذين يناشد بتسويته بطلابه الذين ساعدتهم الظروف والاضطرابات ليتحسن وضعهم وينهار وضع معلميهم.
 
أننا نقف اليوم أمام تلك الوعود العرقوبية الحكومية من قبل الدولة لتلك الفئة وترحيل الأزمات من عام إلى آخر وتتراكم المعضلات وتكبر وترسم خطوطا مأساوية للسقوط المتوقع لنا جميعاً ، مجتمعا ، ودولة لو تركت تلك النخبة تلاقي مصيرها لوحدها دون تدخل الجميع ، فعندما تصحح أوضاع المعلم نبدأ أول الخطوات لتصحيح الوضع التربوي والتعليمي ورفع من مكانة المعلم والاهتمام به ليكون على هرم فئات المجتمع لأعظم حقل تربوي وركن محوري وأساسي في العملية التعليمية التي تنعكس برمته على تصحيح كل الزوايا التعليمية وبدورها تنهض من واقعنا ونصحح ما نحن فيه كي يستقيم الوطن ونذهب نحو مصاف المجد.
 
تحية لكل معلم ومعلمة مربي الأجيال وصانعي نهضة التنوير وأبرز أعمدة بناء الوطن .
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية