المواطنون الذين شاركوا في زفة فبراير 2011، جميع من بقي منهم على قيد الحياة نادمون، ويشعرون بالغثيان كلما ذكرت الثورة الشبابية، ثم بعد انضمام المشايخ ومرافقيهم إليها صار اسمها الثورة الشبابية- الشعبية.. فقد خسر الشعب وضاع الشباب.
معظم النخب الإعلامية والفكرية والسياسية سجلت مواقف مختلفة، واعتذرت للرئيس علي عبد الله صالح حياً وميتاً، وهي اليوم تحن إلى فترة حكمه، وتتمنى أن يعود، كما حن الناس إلى حكم بني أمية بعد أن ذاقوا جور بني العباس.. يحنون إلى تلك الفترة، ويتمنون عودة صاحبها على الرغم من أنها تدرك أن فترة ولايته الرئاسية، كانت ستنتهي في العام 2013، وليس متاحاً له الترشح في الانتخابات الرئاسية التالية، بعد أن أمضى الفترتين الرئاسيتين الدستوريتين، وقد تعهد في شهري فبراير ومارس2011 أن لا تصفير للعداد، ولا ترشيح، وأنه لن يرشح ابنه أحمد، الذي صدق قادة المشترك الشائعة القديمة القائلة إنه قد أعده للرئاسة.
مرافعات فكري قاسم، وعبدالله فرحان، والشرعبي، ونزار، والداعري، وحاشد، وباراس، وقطران، وغيرهم، في الجلسات اليومية لمحاكمة فبراير، مثال للموقف السائد الآن من تلك النكبة.. لم يتبق لفبراير سوى مخلصين اثنين: حميد الأحمر، وتوكل كرمان.. أما الآخرون الذين يبذلون جهداً للدفاع عن النكبة، فموالون للاثنين، إذ منهما يتكسبون لعيالهم، فهم مداهنون، ولا نحبذ كلمة منافقين، والملحوظ أن أعداد هؤلاء تراجعت في السنتين الأخيرتين، أما الذين فقدوا مصالحهم في حميد وتوكل فقد انتقلوا إلى الضفة الأخرى، أو صاموا عن الكلام الأثيم.
على أن لا فائدة ترتجى من الاعتذار عن المشاركة في صنع نكبة فبراير، فالتوبة لا تكون إلا في المسائل الدينية، أما في أمور الدنيا فلا تجدي نفعاً، فقد وقعت الواقعة وخربت البصرة، ولا يعمر الخراب باعتذار أو ندم.. وإن شاء هؤلاء إصلاح البيت الخرب، فليس أمامهم سوى الإسهام في تغيير الواقع السائد الآن، وهذا يعني أن يعيدوا تنظيم أنفسهم على أسس العقلانية والوطنية، والتضامن مع قوى التغيير.