كان العالم حتى أيام قليلة ينصح الشرعية أن تتهيأ لتسوية "مؤلمة" . وكان الحوثي ، محمولاً بغبار المعارك الخادع ، يتجول بمشروعه الطائفي بين أروقة مراكز البحث ( think tanks) الأوربية يفسر حراك التاريخ بصيغ يحاول أن يكسبها القوة من واقع ما يتشكل على الأرض من متغيرات.
انخدع الكثيرون ، صحيح أنهم لم يتخلوا عما يعد موقفاً مبدئياً من الانقلابات الفوضوية المشحونة بالارهاب والعنف المناهض للقانون الدولي ، إلا انهم أخذوا يشعرون مع مرور الزمن انهم باتوا يحملون هذا الموقف كرفات لا توقظه الكلمة المجردة من القوة ، وغالباً ما أكدوا على أنه ما لم يتم إعادة بناء هذه الكلمة بالقوة الكافية التي تضعها في المكان اللائق بها في معركة استعادة الدولة ومشروعيتها فإن على الشرعية أن تعد نفسها لتسوية " مؤلمة" .. وترددوا أن يقولوا مذلة .
لم يكن الحوثي ووراءه إيران قوياً ، ولم يكن مشروعه الطائفي عنواناً لمستقبل هذا البلد العظيم أو حافزاً لحشد المقاتلين من أجله ... كانت هناك حاجة لإعادة بناء استراتيجية متماسكة ترمم الشروخ داخل أبنية القوى المناهضة للمشروع الحوثي الايراني والمرحلة من صراعات وأزمنة عفى عليها الزمن ، وبعضها في حاجة الى معالجة واقعية تقوم على التمسك بإرادة الناس واحترام خياراتهم .
هذا ما حدث .. ولن يتوقف الأمر إلا عند النقطة التي تتغير فيها المعادلة لتنهي حالة الشذوذ التي أفرزها الانقلاب ومحاولة تسويق مشروع طائفي دخيل مع كل ما مثله من كارثة على اليمن واليمنيين ..