تعمل إيران ضمن سياستها الخارجية على تعميق نفوذها في المنطقة العربية، وخلق بدائل للأنظمة الرسمية بجماعات طائفية تدين لها بالولاء والتبعية المطلقة، ولأن إيران تمتلك مشروعاً دينياً طائفياً، فإنها تسعى إلى مد جسور التواصل مع كل الجماعات التي تربطها وشائج فكرية تلتقي عند نقطة "التشيع" والاتباع للإمام المغيب، ومن ناحية أخرى تريد إيران أن تحقق نفوذاً على حساب دول المنطقة وخاصة الخليجية، لما تتمتع به هذه الدول من ثروات وموقع استراتيجي وفكر يناهض المشروع الإيراني.
الخبراء الموجودون في صنعاء ويعملون لدى الحوثي ليس في إطار "سياسة حوثية" وانما كقادة يتحكمون بمجريات المعركة ضمن سياسة إيرانية شاملة، هذا الارتباط يُلحظ مؤشراته من خلال المحادثات السعودية الإيرانية التي تحدث في العراق، ويُلحظ ايضاً من خلال التفاعل الإقليمي والدولي في البرنامج النووي الإيراني، فكلما أرادت إيران التصعيد للضغط على السعودية أو التهديد في البحر الأحمر لسفن الدول الكبرى لمحاولة استمالتها، أوعزت إلى عناصرها في اليمن بالتصعيد من الصواريخ البالستية تجاه السعودية أو من خلال الألغام البحرية في المياه الإقليمية والدولية في البحر الأحمر ضد السفن التجارية.
عندما يتم الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني في فيينا، سنشهد حالة من التهدئة ورسائل التودد الحوثية تجاه السعودية، وربما سنشهد نوعاً من التقدم نحو المفاوضات، وذلك لأن الاتفاق النووي قد أُبرم، وإذا فشل الاتفاق، سنشهد تصعيداً قوياً وإطلاق الصواريخ البالستية واستهداف الأعيان المدنية في السعودية والمنشآت النفطية، وهذا ما ستؤكده الأيام المقبلة وسنرى ذلك عقب نتائج اجتماعات فيينا التي تجري بين إيران والدول الأوروبية هذه الأيام.
تدرك إيران أن الانتصار العسكري للحوثيين على اليمن كافة أمر مستحيل، وخاصة أن معركة مأرب كسرت الهيمنة الإيرانية وغطرستها من خلال التهديدات الحوثية، وعناصرها الذين توعدوا بالإفطار في مأرب برمضان الماضي، ثم عادوا قتلى في صناديق إلى طهران مع كثير من الخزي والعار.
ولصعوبة الانتصار العسكري للحوثيين، سوف تسعى إيران إلى حل سياسي وحكومة تشاركية لكل الأطراف، المهم أن يبقى الحوثي طرفاً يسيطر على أجزاء من الشمال تستطيع من خلاله اللعب والمناورة وتنفيذ الأجندة في المنطقة وعند باب المندب.