غادر السفير الإيراني "ايرلو" حاملا أمعاءه بين أكفه من صنعاء بعد أن دخلها متخفيا كبطل في مغامرات مسلية.
غادرها موجوعا قبل أن يفطر بتمر "مأرب".. لكن بإمكانه أن يفطر بتمر العراق المكلوم حتى حين.
وضعه الصحي غامض، وليس لأنه أصيب بكورونا.
كما أن ثمة أبعادا في إطار لعبة إيران، وهي مدرسة السياسة واللف والدوران في المنطقة.. لكن الأمر لم يعد ينطلي على صناع القرار السياسي في المنطقة والعالم.
تبرع إيران في المناورات مقارنة بخصومها في المنطقة، كما يبرع تلاميذها الحوثيون في إيغال الأحقاد في نفوس اليمنيين ضد الخليج، وينجحون في تصوير أن المعركة يمنية سعودية، وأن الأخيرة لا تريد الخير لليمن مطلقا، وبهكذا ينجحون في تجنيد الآلاف إلى محارق الموت.
بالنسبة للحوثي نفط مارب وغازها أكثر قيمة من دماء أبناء الفقراء الذين يسوقهم كالنعاج للجبهات.
اليوم قالت مؤسسة الشهيد التابعة للحوثيين، إن 32 ألف شخص لقوا حتفهم في الحرب من أبناء محافظة صنعاء فقط.. من محافظة واحدة حارب كل هؤلاء وضحوا بحياتهم في صفوف مليشيات كهنوتية هي الأكثر تخلفا ودجلا في العالم.
لكنها بارعة في تجييش الناس إلى صفوفها.
أتذكر أحد الأصدقاء من ذمار، وهو يقسم لي أيمانا مغلظة إن 450 شخصا من بيت الوشلي في ذمار قتلوا في صفوف الإمامة.. وهذا الكلام والإحصائية كانت قبل ثلاث سنوات.
في همدان، ادعت قرية "بيت أنعم" أنهم هاشميون، ضحوا بكل شيء ولم يعد أحد يرى على وديان القرية وتلالها شابا أو يافعا.. ثمة مقبرة تحكي فظاعات الانتماءات العنصرية.
لقد أكلتهم الحرب كغيرهم.. أما الحوثية، فقد فتحت مقبرة مترامية الأطراف لليمن.. مقبرة مثل جهنم، كلما قيل لها هل امتلأتِ فتقول هل من مزيد.
سيستمرون في غيهم وتعبئتهم الأيديولوجية في أوساط البسطاء، الذين لا يجدون قوت يومهم، في جوار الخليج المتخم بالمال والرفاهية.. الخليج الذي يمثل ورطتنا ونجاتنا.. ورطتنا ونجاتهم أيضا.
ستستمر المقبرة تستقبلهم بجشع لص لا يعرف الرحمة والشفقة.
وقد يستمر الخليج في التعامل بخفة وبعقلية "الحجر من السائلة والدم من رأس القبيلة"، لكن هذه المعادلة والمقاربات تنطوي على مخاطر قد تشوي أكباد الجميع.