واهم من ظن أن صراع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح مع الحوثيين يمكن حصره في أحداث الثاني من ديسمبر ٢٠١٧، أو الصراعات التي سبقت تلك الأحداث بأشهر او حتى بسنوات، بل أنه من الخطأ حصر الصراع بين الرجل والحوثيين.
فالدارسون لتاريخ الصراع في اليمن والمنطقة يعلمون أن الحوثيين أداة وظيفية للانتقام فقط ليس من الرئيس الراحل علي عبد الله صالح وحده كفرد بل من الرئيس والجيش اليمني واليمن ككل.
وهذا ما أكده حسين الحوثي عندما توعد اليمن جيشاً و رئيساً وشعباً بدفع الثمن غالياً نظير مشاركته في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988م)
في حقيقة الأمر هو صراع بين مشروعين في جوهره.
مشروع إيراني حالم بإعادة أمجاد كسرى الغابرة وهيمنته على البلدان العربية يقوده الخميني الذي وصل إلى السلطة في العام ١٩٧٩ م وبين مشروع عربي كان يدرك منذ البداية خطورة تلك الأطماع على البلدان العربية كافة، قاده الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وبدعم خليجي وعربي.
وبحرب استمرت لثمان سنوات منذ ٢٢ من سبتمبر ١٩٨٠م وحتى ال٢٠ من أغسطس عام ١٩٨٨ م فيما عرف بحرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية.
شاركت اليمن بوحدات عسكرية في تلك الحرب ما أثار حفيظة إيران التي قررت الإنتقام من اليمن وتوعدت كل الدول المشاركة في الحرب وعلى رأسها العراق ودول الخليج واليمن بالخراب والدمار و هي وصية أوصى بها الخميني أتباعه .
تلك الحرب التي راح ضحيتها ملايين الاشخاص بين قتيل وجريح وادخلت المنطقة - وماتزال - في متاهات وحروب لاحقة نتيجة لتلك الأطماع الايرانية .
روح الانتقام الخمينية ظلت - وماتزال - متقدة لتنفيذ وصية الخميني بتدمير تلك البلدان و أن يشرب ابناؤها من ذات الكأس التي شرب منها الايرانيون - حسب تعتبيرات الحوزات في إيران- أثناء تلك الحرب .
بحثت إيران عن أتباع لها في اليمن وجدت بدر الدين الحوثي وهو من أشد أعداء الجمهورية و ثورة ٢٦ سبتمبر وكان ضمن الملكيين الذين قاتلوا دفاعاً عن الإمامة.
بل ولم يعترف بالجمهورية وظل الى اخر ايام حياته منادياً بالولاية وأحقية السلالة بالحكم في اليمن دون غيرهم .
دعم الايرانيون بدر الدين الحوثي وبالفعل انشاء كياناً ظاهره ديني زيدي وباطنه أمامي منتقم من الجمهورية وبأفكار اثني عشرية في تزاوج بين أحلام العودة الى الحكم وفرض الأمامة وروح الخميني الانتقامية .
وجدت إيران ضالتها أخيراً في اليمن.
لتأتي حرب الانفصال في العام ٩٤ م ... وقف الحوثيون وبإيعاز من طهران إلى جانب الانفصاليين وخرجوا بالسلاح على الدولة في شمال صعدة في خطوة وضعت حولها الكثير من علامات الاستفهام حينها ، إذ كيف لجماعة دينة تسكن شمال اليمن تقف الى جانب حزب اشتراكي شيوعي ماركسي مادي وضد مصالح البلد التي تقطن فيه تلك الجماعة؟!! ...
إلا أن الشرعية حينها انتصرت والوحدة ترسخت، ففر بدر الدين الحوثي هارباً إلى أسياده في طهران، وهناك حاك مع الإيرانيين خيوط مؤامرة نعيش تفاصيلها اليوم.
وللحديث تتمة.
#ديسمبرالثورةمستمرة