الوطن هو أولئك الذين يُحَنُّون ترابَ المتارسِ ومساحبِ الشهداء بدمائهم، هو ذلك المقاتل الذي يزحف لإنقاذ رفيق سلاحه المصاب فيصاب معه ويسقط فوقه جثّةً على جثّة، هو أولئك الجوعى من الأطفال والأمّهات والشيوخ الذين صاروا جلداً على عظم وبعضهم قد سبق أهله إلى الله ربِّ المستضعفين لأنهم لم يسرقوا ولم ينهبوا ولم يحتكروا الخبز والزيت كما فعل غيرهم..
والوطن هو دمعة الأم التي تلمع على ضوء القمر حين تناجي ربّ السماء في قلب الليل وتستودعه ولدها ومهجة قلبها الشهيد الذي سقط لترفع اليمنُ هامتها عالياً أمام الشمس،،
هؤلاء هم الوطن..
أمّا المتخمون والمتسابقون والمتناكفون والمتهافتون على المناصب والمصالح والمنافع فهؤلاء ليسوا من الوطن في شيء وإن عاشوا فيه واعتاشوا باسمه وحملوا هُويّته ووثائقه الرسميّة فإنما هم فيه بمثابة الورم من الجسد ـ محسوبٌ عليه وهو يهلكه ويفنيه.