تخيل أنك راكب على طائرة، أو سفينة، أو حتى باص، وقبل أن تتحرك الطائرة، صاح أحد الركاب، وقال: لا يمكن أن يقود الطائرة إلا شيخ مسلم، وحافظ للقرآن، وله لحية ويقص شاربه، وصاخ آخر: بل لن يقودها إلا بشخص من آل البيت، من نسل فاطمة وعلي، وهناك صاح آخر: لن يكون الكابتن إلا يساريا، ويلبس زي جيفارا، ويحفظ مقولات الشمس لاتغيب، وصاح آخر، لن يكون الكابتن إلا يهوديا، واعترض آخر، قائلا أن قيادة الطائرة حق لعالم مسيحي!... وفجاءة صاح واحد من آخر الطائرة، قائلا: إن لم يكن الكابتن من الحراك الجنوبي فسنسقط الطائرة، وثورة ثورة ياجنوب!
ماهي النتيجة؟
طبعا هو الخراب.
ياجماعة الخير:
الدولة زي الطائرة أو الباص أو السفينة، تحمل ركاب ( مواطنين) من كل الفئات والأحزاب والأديان والمذاهب والمناطق، وهي مظلة يستظل تحتها الجميع، وحق التحزب والتدين والتمذهب مكفول للجميع، بشرط عدم فرضه على الركاب الأخرين؛ أما قيادة المركبة فهو حق مخصص ومحصور بمن يمتلك الكفاءة الفنية والخبرات المعرفية، ويسود قانون الطائرة على الجميع، مثل الالتزام بالهدوء والسلم والتعايش والاحترام والنظافة وعدم الاعتداء على الآخرين، وفرض أفكار ومعتقدات جهة على أخرى بقوة السلاح.
كما أن وظيفة الدولة حماية المعتقدات، وتوفير الأمن والأمان والحرية للجميع في ممارسة الشعائر الدينية والمذهبية والسياسة، بعيدا عن فرضها على الآخرين، أو استخدام مؤسسات الدولة لفرض تلك المعتقدات، فالدولة تدير الخدمات للناس، أما التدين فهو شأن شخصي لكل فرد