ليس من المفيد الافتراض أنه يمكن إقناع الحوثي بالتخلي عن أعمال العدوان والتوسع، ولئن كانت أطراف في الشرعية تتودد رحمته بمنحها من جدوله الدامي وقتاً للحوار فهذا مرض ليس أقل من مرض شعورها بحك الظهر في عملية قصف ميناء المخا.
الحوثي يضرب في عدن وفي لحح ومارب والمخا والحديدة والسعودية لأنه يريد أن يجعل الجميع يعيشون تحت وطأة مشاعر الخوف من المزيد من الضربات، وبينما تدين قيادة الشرعية ومؤسساتها بل وتتسابق على الإدانات ويتحول كبار الدولة إلى كتاب بيانات وتغريدات في كل عملية فقد بلعوا ألسنتهم وشربوا دموع المناسبات، لأنهم كانوا يريدون أن يحصل ذلك، ليس فقط من باب التداعي مع المثل الشعبي (لا لي ولا لك ولا للبطاط) فقط، بل ولأن الشرعية تريد أن يحصل الخوف الذي يريده الحوثي لدى المقاومة في الساحل الغربي أولاً، ولأن كراهيتها للمقاومة تفوق حب انتصارها على الحوثي ثانياً، ولأن سلطة الشرعية فكرة شخصانية ثالثاً وهي نفسها هذه الشرعية من أوقفت تقدم المقاومة نحو مدينة الحديدة لأسباب دعائية تتعلق بالجانب الإنساني ولسبب حقيقي آخر يتمثل في الرغبة في ألا يحرز العميد طارق صالح نصراً على الحوثي الذي كان انكساره هناك سيمتد، بوسائل القوة نفسها، إلى مارب والجوف وتعز.
الحقيقة المُرّة التي لا تزال تحتاج إلى فهم هي أن الشرعية عنصر تفوق للحوثي وليس العكس، والحقيقة الأمر من المر هي أن الثأر من حكم الرئيس الراحل الشهيد علي عبدالله صالح مقدم على إرادة استعادة الشرعية من الأساس، وهذا يفسر الانتكاسات التي جعلت سلطة هادي أضحوكة في العالمين.
وإذا احتجنا إلى تحديد أين يقف (شن من طبقة) فإن الحوثيين مشروع سيطرة وكراهية بينما الشرعية مشروع كراهية بلا طموح، كراهية الحوثي موجهة ضد من يقف بطريق سيطرته على السلطة، وكراهية الشرعية موجهة ضد من أعاق في الماضي سيطرتها على السلطة.
ويغدو من الغباء الاعتقاد بإمكانية سحب البساط من تحت أقدام الحوثي بإمكانيات القوة الناعمة مثل استدراجه مرة أخرى إلى الحوار وإغرائه بتسويات أمنية واقتصادية، لأنه سيتصدى لأي نتائج تؤدي إلى إزاحته من بعض أحزاء الملعب وهو على استعداد لقتل الآلاف وتدمير كل شيء في سبيل ذلك.