تحتفل الجماعة الحوثية اليوم الأربعاء، بيوم الولاية.. يوم الغدير.. حيث قيل أن النبي محمد قال للحجاج في غدير خم إن من يواليه وينصره، عليه أن يوالي وينصر عليا بن أبي طالب.. وإنه بذلك قد بلغ عن ربه أن عليا خليفته، وبعد علي تكون في ولديه الحسن والحسين ثم في أولادهما إلى يوم الدينونة.
لقد أحيت الجماعة هذه العادة بعد أن أماتها الشعب اليمني عشية 26 سبتمبر 1962.. والجماعة هنا تريد تحقيق هدفين:
الأول، أن تغير ثقافة الشعب اليمني عن الجمهورية والديمقراطية والمساواة وحقه السياسي الأصيل في انتخاب حكامه.. وتحاول اقناع هذا الشعب أن قدره المقدور أن يكون حكامه من البيت الحوثي الهاشمي، ولاحظوا أن حاكم الحكومة في صنعاء اسمه عبد الملك بدر الدين الحوثي، والمتحكم بالمجلس السياسي اسمه محمد الحوثي، ووزير الداخلية أمير الدين الحوثي، ووزير التربية والتعليم يحيى الحوثي، ورئيس الهيئة العامة للأوقاف- وزير الأوقاف- هو عبد الحميد الحوثي، ونكتفي بهؤلاء الخمسة.. خمسة من بيت واحد، هو بيت الحوثي، بله بيت المتوكل، وشرف الدين، والعماد والعمود وعز الدين الضراط.
أما الهدف الثاني الذي تريد الجماعة تحقيقه في هذا اليوم هو دفع الناس إلى تفريغ انفعالاتهم، فهي تدرك أن الناس غاضبين من أفعالها، فقد جوعتهم، واهلكت أولادهم، وحرمتهم سائر حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية.. ولكي لا يثوروا عليه تشغلهم بالأيام.. يوم الغدير.. يوم الشهيد.. يوم الزهراء.. يوم قاسم سليماني.. ويوم ويوم ويوم.
دعونا نفترض أن نظرية الإمامة في البطنين التي وضعتها زيدية طبرستان في فارس قبل نحو ألف وثلاث مائة عام، كانت تعتمد على الخطبة الصحيحة التي خطبها النبي محمد في غدير خم.. فهل من العقل ومن المقبول في هذا العصر أن يقرر لنا الموتى مستقبلنا، ويتحكمون بنا وهم في قبورهم؟
ثم هناك الفتوى التي أصدرها كبار فقهاء الزيدية اليمنيين عام 1990، ومؤداها إن رئيس الدولة ينتخب من قبل الشعب، وأن شرط النسب الهاشمي(أن يكون من نسل الحسن أو الحسين أبني علي من فاطمة بنت النبي محمد) كان شرطا في الماضين، وقد صار من الماضي الذي ذهب، ولم يعد هذا الشرط مقبولا في هذا العصر.. كان من بين أصحاب هذه الفتوى أحمد محمد الشامي، ومحمد المنصور، وغيرهما، وحظيت بتأييد الفقيه الزيدي مجد الدين محمد المؤيدي، ولم يعارضها سوى بدر الدين الحوثي، الذي يريد عياله اليوم فرض أنفسهم علينا بعوامل الغلبة.
تدعي عائلة أباطرة اليابان أنها تنحدر من آلهة الشمس، وأن بينها وبين الآلهة نسبا وصهرا، وكل امبراطور يعتبر مقدسا إلى اليوم، ولم يتخل عن هذه القدسية سوى الامبراطور هيروهيتو بعد الهزيمة التي لحقت ببلاده في الحرب العالمية الثانية.. كل إمبراطور جديد يقيم في قصره، لا يحكم ولا يبصم، ولا يقول للناس أنا من بيت إله الشمس.. وكان ملك الحبشة هيلا سيلاسي (قوة الثالوث)، والملوك قبله يدعون القدسية لأن عائلتهم تنحدر من النبي سليمان والملكة بلقيس!!! فانتهت ديكتاتورية هيلا سيلاسي في العام 1974، لكن ليس بفتوى بل بقوة الشعب.
ومثل ما قلنا قبل: دعونا نفترض... الأن دعونا نحكم عقولنا.. حرقوص بن زهير السعدي، قال إن عليا بن أبي طالب كان في اليمن أثناء حجة الوداع وخطبة النبي في غدير خم.. وحرقوص هذا كان من رجال علي في وقعة صفين، ثم أنشق بعد واقعة التحكيم وصار من زعماء فرقة الخوارج، ولأنه خارجي تعرض للهجوم بسبب تصريحه هذا.. ونذكر أن الخوارج هم جمهوريو الإسلام، فعندهم أن حاكم الأمة تختاره الأمة، ويرفض الخوارج قولة أهل السنة أن الإمامة في قريش، كما يرفضون نظرية الإمامة في البطنين.
ويقول أهل البطنين أنه لما خرج النبي محمد من المدينة إلى مكة لحجة الوداع تبعه من سكان المدينة وبعض القرى التي مر بها عدد هائل من المسلمين.. واختلفوا في تقدير هذا العدد الهائل، منهم من قال كانوا 180ألف، وقيل 124 ألف، وقيل 120ألف، وقيل 114 ألف، وقيل 100 ألف، وقيل 90 ألف، والمقدر المتواضع قدر العدد بسبعين ألف، بينما كان عدد سكان المدينة 30 ألف نسمة حين مات الرسول حسب قول أهل السير والتاريخ.. وتصوروا نبيا يخطب في 100 ألف آدمي، دون مكبر صوت، ولا فرق تنظيمية، ولا المجيب يسمع الداعي، ومع ذلك يقولون لنا حديث الغدير صحيح متواتر، وكل الأمة أجمعت عليه!