قال لي: تكلم يا رازحي، قل ما في نفسك.
قلت: لا أستطيع.
قال مستغرباً ومندهشاً:
- مالك ليش أنت خايف!! انتهت أيام الديكتاتور علي عبد الله صالح، وأصبحنا هذه الأيام كلنا أحرارا نتكلم بشجاعة وبدون خوف.
قلت: في عهد علي عبد الله صالح كنتم كلكم خايفين وكنت أتكلم وأنا خايف.
اليوم كلكم شجعان ولسوف أكون جبانا في نظركم لو تكلمت بشجاعة.
* * *
أخاف أموت قبل أن أقول الحقيقة:
كنت أخاف من علي عبد الله صالح وكان خوفي منه هو الخوف الأعظم
وكنت كلما كتبت مقالاً ونشرته أقول:
- خلاص بعد هذا المقال لن أعيش.
وكنت أحيانا من شدة خوفي أكتب المقال ثم أعرضه على أشخاص مستقلين وحزبيين وكان المستقلون يقولون لي ناصحين:
- مش وقته ما فيش داعي تنشره.
أما الحزبيون الذين كانوا يكرهونني لأن لي موقفا منهم ومن احزابهم فكانوا يقولون لي:
- انشره هذا وقته.
وكنت رغم خوفي أنشره ليس لأني شجاع ولكن لاني لا احب ان اكتب مقالا واعرضه قبل النشر على اشخاص ثم لا أنشره.
وبعد النشر، كان الحزبيون الذين شجعوني على نشره هم الأكثر جبنا والأكثر حقارة.
وما أريد أن أقوله هو ان علي عبد الله صالح كان اكثر تسامحا واكثر انفتاحا من كل قادة أحزاب المعارضة.
* * *
لا تصادق حزبيا فإنه يخونك في أول منعطف.
ولا تصادق شخصا عنده طموح للسلطة، فإنه يخونك في أول إعلان عن تشكيل الحكومة وقبل ان يسمع عن اسمه.
* * *
قبل أن تكون طبيبا ناجحا أو رجل أعمال ناجح
قبل أن تكون شاعرا عظيما او كاتبا مشهورا أو فنانا مبدعا
قبل ان تكون مناضلا بارزا
وقبل ان تكون حزبيا أو ثوريا أو وطنيا
قبل ان تكون مسلما أو يهوديا أو نصرانيا
قبل ان تكون متدينا او علمانيا أو ملحدا
كن إنساناً.
لكن وأنت في الأربعين أو في الخمسين أو في الستين من عمرك أو في السبعين، بمقدورك ان تتعلم لغة جديدة او اي مهنة وحرفة، وبمقدورك ان تتعلم العزف على العود أو الجيتار وكذا بمقدورك ان تكون قديسا لكن من الصعب ان تتعلم كيف تكون انسانا.