ما أشبه الوضع ببارحة 17 يوليو 1978م وكم نحن بحاجة لعودة جديدة لتموز، تموز من صنع الزعيم صالح، بذكائه الواقد ودهائه وحنكته الجسورة ....!!
عندما خرج الزعيم صالح عن صمته متحديا المخاوف التي تُغرق المليشيا فيه صنعاء كان الشعب بمختلف فئاته وأطيافه يملأون بأعينهم الشاخصة شاشات التلفاز، البعض تحفر أنامله المتوترة المشدودة خصر الهاتف وقد تجمد نظره عليه، الجميع ينتظر اللحظة الفارقة التي تبدد فيها يد صالح سحب المليشيات الداكنة، كان الجميع خصوصا أعداء الزعيم صالح، يؤمنون أن يده وحدها من يمكن لها اجتراح معجزة الخروج من النفق، لم يعد نفق بل أنقاض، أناحوا جانبا كل المعارك الأخرى في مناطق عدة من الجغرافيا اليمنية وشدوا سهام أنظارهم وآمالهم على مسافة لا تجتاز أمتار منزل، لكنه منزل يقطنه صالح.. كانت شمس السابع عشر من تموز تتوهج في ذاكرة الكهول لتشع أملا، أمل ينغمر فيه صالح بوقفة اليمني في عصوره القديمة كما في كتب التاريخ، وقفة الرئيس، للرئيس وقفته الخاصة أيضا، وقفة شعب بأكمله تتحد آماله في شخص واحد بديمقراطية دشنها صعود صالح في السابع عشر من تموز ذاك العالم، الديمقراطية نفسها التي استشهد لأجلها في الرابع من ديسمبر، خارت الأنظار ومعها الآمال، من سوى صالح سيخرج بنا من هوة اللامنتهى هذه، اكتفى الجميع بالمشاهدة، كان اليأس قد نخر عظلاتهم وعظامهم طيلة سنوات الأزمة بدءا من الإنقلاب الحوثي الأول في الحادي عشر من فبراير مستخدمين في ذلك قوة المعارضة السياسية وقد كان معظمهم في السلطة، وانتهاءا بانقلابهم الآخر المليشياوي المسلح في سبتمبر 2014م ظل الجميع في الثاني من ديسمبر يحلمون بتموز جديد تجترحه عودة صالح، رحل صالح وبقي فقدان الأمل والحلم بالعودة.
17 تموز من العام 1978 بعيدا عن كل ما قدمه الزعيم صالح، كان أكبر نجاح قدمه أنه استطاع الحفاظ على اليمن والخروج به جمهوريا موحدا نابضا بالحياة من مفترق طرق صعبة وملتقى مخالب مختلفة، ليزهر على مهل متخلصا بسياسته الذكية من كل ما كان يعيق قيام يمن جمهوري قبل الحادي عشر من تموز1978
الرحمة والخلود لصالح ولكل مناضلي استعادة الجمهورية...
المجد والخلود لليمن جمهوريا حرا أبيا ...