تقرير المحرر الاقتصادي
بين صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية وعدن العاصمة المؤقتة تحتدم حرب العملة بين جماعة الحوثي والحكومة المعترف بها دولياً والتي أحدثت انفصالاً اقتصادياً على أرض الواقع
فبعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن بنهاية العام 2016 توجه بنك عدن لطبع مليارات الريالات بطبعة نقدية جديدة لتغطية العجز الكبير في السيولة التي نهبهتا المليشيات من بنك صنعاء ليتم ضخ تلك الأموال في مختلف أنحاء الجمهورية
تلك الطبعة الجديدة قوبلت بالرفض الحوثي وتم تداولها منذ 2017 حتى جاء القرار الأخير عبر بيان لبنك صنعاء المعطل الذي يسيطر عليه بمنع حيازتها وتداولها بحجة أنها غير قانونية
وأمام هذا الحظر وجد المواطنون اليمنيون أنفسهم ممزقون بين طرفي الصراع بوجود طبعتين نقديتين بقيمتين مختلفتين جديدة وقديمة مهترئة وكل منهما يعتبر نفسه مدافعاً عن الاقتصاد الوطني
وبين هذا وذاك ووسط هذا الصراع دخلت البلاد في حالة من الركود والتوقف شبه التام للحركة التجارية بل وصل الحال إلى أن البنوك أصبحت شبه معطلة نتيجة عودتها مجدداً وبقوة إلى حالة من التوهان والتشتت المصرفي لملاحقة ومجاراة شركات الصرافة التي استحوذت على كثير من التحويلات المالية الخارجية ومهام الاستيراد بدلا عنها فضلا عن انعدام السيولة لدى المواطنين وانخفاض التحويلات المالية الداخلية وارتفاع قيمتها بنسبة 50 % بالإضافة إلى الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الغذائية والتموينية والخدمات المرتفعة أصلاً إلى مستويات خيالية
ولعل أخطر الانعكاسات السلبية للقرار الحوثي هو تدمير العملة الوطنية بغض النظر عن طبعتها قديمة أو جديدة لما يمثله من تعزيز لمظاهر تقسيم انفصالي نقدي بين المحافظات اليمنية كون العملة الوطنية تمثل أبرز الرموز السيادية للبلاد ..
وبحسب اقتصاديين كان الأولى بالحكومة التي طبعت الأوراق الجديدة إما أن تسحب القديمة من الأسواق وتمنح المواطنين مهلة لاستبدالها وتعميمها على مستوى الجمهورية أو على الأقل سحبها من مناطق السيطرة الحوثية بشكل كامل حينها ستضطر المليشيات التعامل بالطبعة الجديدة كأمر واقع كون السيولة النقدية من الطبعة القديمة شبه منعدمة
إلا أن الواقع كان مغايراً فإن ما هو حاصل قيام المليشيات الحوثية بمصادرة الطبعات الجديدة بالملايين من شركات الصرافة والبنوك والمحلات التجارية والخدمية وإعادة مصارفتها في المناطق الخارجة عن سيطرتها عبر سماسرة وتجار لشراء المواد الغذائية والسلع التجارية والمشتقات النفطية والغاز من مارب وحتى العملات الأجنبية من الدولار والريال السعودي
أما الريال الإلكتروني الوهمي الذي ابتكرته مليشيات الحوثية فإنه بحسب خبراء اقتصاديين بمثابة ثقب أسود يبتلع أموال اليمنيين الفاقدة أساساً لجزء كبير من قيمتها خصوصاً أنها لا يستند إلى أساسٍ قانوني ولا يمكن تطبيقه في بلد يشهد حرباً منذ نحو 5 سنوات .