تدخل أزمة العملة الوطنية فصلاً جديداً من التلاعب بين أطراف الصراع فبعد أيام من قرار البنك المركزي اليمني المعطل في صنعاء الذي تديره مليشيات الحوثي بمنع حيازة وتداول الطبعة الجديدة من العملة وإعطاء مهلة لتصريفها قبل مصادرتها جاء قرار السلطة المحلية بمحافظة مأرب لينقذها من أزمتها والذي وفر لهم سوقاً لتصريف الأموال التي نهبتها بحجة أنها غير قانونية .
قرار السلطة المحلية في مارب تمثل في منع شركة النفط والغاز بالمحافظة بيع الغاز والوقود للحوثيين إلا بالطبعة الجديدة وإلزام التجار دفع الجمارك والضريبة بمنفذ علب بها .
حينها وقعت المليشيات الحوثية في ورطة عويصة بسبب نقص السيولة النقدية في الأوراق القديمة وعانت البنوك وشركات الصرافة والقطاع التجاري والمواطنون من مشاكل نقدية .
وبحسب أحد مدراء البنوك فإن إجراءات السلطات المحلية في مأرب خدمت الحوثيين في تصريف الأموال التي نهبوها وعالجت أزمة السيولة وتسرب العملة الوطنية من الفئات القديمة من مناطق سيطرتها إلى المناطق المحررة الخارجة عن سيطرتها ما يحمي قرار المليشيات من الانهيار ووقوعها في أزمة سيولة .
خبراء اقتصاديون أكدوا أن شركات الغاز ومحطات النفط في مناطق سيطرة المليشيات اشترت النفط والغاز من مأرب بمليارات الريالات ما يمكنها من تصريف الأموال التي نهبتها واستبدالها من التجار بالعملة القديمة وتعزيز السيولة في مناطقها بالأوراق القديمة فضلاً عن التبادل المشترك للعملة بفئتيها القديمة والجديدة عبر وسطاء وسماسرة خدمة لمصالح قيادات في كلا الطرفين .
وقال الخبراء كان الأولى على السلطة المحلية بمأرب أن تفرض على التجار دفع قيمة شحنات الغاز المنزلي بالعملة القديمة حتى يتم سحبها من مناطق سيطرة المليشيات الحوثية وخلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ستكون المليشيات مجبرة على استخدام الأوراق الجديدة .
ووفقاً للبيانات الرسمية فإن السلطة المحلية في مارب تتحكم بموارد إنتاج 2150 طناً من الغاز يومياً لتتجاوز إيراداتها السنوية أكثر من 100 مليار ، كما تصل إيرادات منفذ الوديعة البري الضريبية والجمركية نحو 144 مليار ريال سنوياً .
مراقبون أكدوا أن منع تداول الطبعة الجديدة يأتي في إطار مشروع التمكين من الأراضي التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية والانفراد بالحكم والاستقلال وإن هذا بانتظار ضوء أخضر دولي لا أكثر .
وأضاف المراقبون أن المليشيات الحوثية تعزز الانفصال النقدي وتتحكم بالعملة الوطنية في مناطق سيطرتها وفقاً لمصالحها وليس كما تروج له من مزاعم الحفاظ على الاقتصاد الوطني فإنها آخر من يتحدث عن ذلك كونها السبب الرئيس والأول لتدمير الاقتصاد فضلاً عن بيعها للوهم عبر ما تسميه الريال الإلكتروني .
الحكومة اليمنية ظلت في حكم المتفرج باستثناء تصريحات على استحياء تمثلت في تحذيرات لا تسمن ولا تغني من جوع على لسان وزير المالية سالم بن بريك الذي أكد أن إجراءات المليشيات الحوثية تجاه العملة تهدف إلى تدمير الاقتصاد الوطني متهما إياها بغسل الأموال .
ورد فعل آخر من قبل البنك المركزي في عدن تمثل في إطلاق تحذيرات للبنوك وشركات الصرافة من التعامل مع القرار الحوثي مهدداً باتخاذ إجراءات وعقوبات ضدها وفقاً للقانون .
ورغم إعلان البنك عن إجراء مصارفة لجميع طلبات السلع الغذائية غير المشمولة بالوديعة السعودية بسعر صرف 570 ريال للدولار إلا أن الريال اليمني في تدهور مستمر خصوصاً في المناطق المحررة حيث تجاوز سعر صرف الدولار سقف الـ 600 ريال
وبين الفعل الحوثي ورد الفعل الحكومي حذر خبراء اقتصاديون من الحرب الاقتصادية بينهما والتي وقودها المواطنون الذين تتقاذف بهم الأزمات من كل اتجاه حتى وصل الحال إلى عدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم من الغذاء والدواء والخدمات وكأنهم من أصحاب الكهف خصوصاً في مناطق السيطرة الحوثية بالإضافة إلى انعدام السيولة لدى الأغلبية منهم .
منظمة مشروع تقييم القدرات السويسرية بدورها أكدت أنه في حال تصاعدت الحرب الاقتصادية بين الحكومة والحوثيين للسيطرة على العملة الصعبة فإن البنك المركزي اليمني في عدن قد يفرض عقوبات على البنوك بعزلها عن الاتصال الدولي عبر نظام السويفت .