إذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلاً سنتذكر واحداً من خطابات عبدالملك زعيم مليشيا الحوثي الانقلابية، وهو يتفلسف بلغته وتعابير وجهه المفتعلة قائلاً أن من حق أي شعب بما في ذلك الشعب اليمني التعبير عن إرادته، وتنظيم المظاهرات التي يعلن فيها عن مطالبه، وأنه لا يحق لأية سلطة منع المظاهرات والمسيرات ما دامت سلمية، أو قمع المتظاهرين بأي حال من الأحوال.. مع أن السلطة حينها وقبل ذلك أبدت تفهمها وتساهلها مع المتظاهرين، منذ اندلاع أحداث ٢٠١١م المشؤومة، والتي لم يرَ اليمن ولا الوطن العربي عموماً خيراً من بعدها، سواء البلدان التي اجتاحها ما سمي جزافا بالربيع العربي، أو تلك التي سلمت من الفوضى وانهيار الأنظمة، فلم تسلم هي الأخرى مما حدث من عصف غاشم وفوضى مفتعلة لتغيير معالم المنطقة استراتيجياً وسياسياً..
لم يدخر كاهن الكهف ومثله بقية قيادات المليشيا الإرهابية جهداً أو يفوتوا وقتاً ومناسبة دون التظاهر بالوقوف في صف الشعب، والادعاء بأنهم سيكونون الحماة الأشاوس له والمدافعين عن حقوقه، وخصوصاً فيما يتعلق بالتعبير عن آرائهم عبر المظاهرات والمسيرات (السلمية حسب تعبيرهم)، وكانت تلك المظاهرات التي يصفونها بالسلمية لا تنتهي دون افتعال الفوضى وإثارة الأحقاد وقتل الأنفس المتحمسة والبريئة.. كانت الأرواح تنتزع بفعل فاعلين، لم يكونوا سوى أفراد من المنتمين إلى هذه المليشيا الإرهابية، التي تدعي دفاعها عن المواطنين وحقوقهم..!! وذلك كان بهدف تصعيد حدة الفوضى وجعلها بديلاً للنظام الذي كانوا يحاولون إسقاطه..
بهذه الأساليب المخادعة والمصحوبة بخطابات الكهن والزيف والتظاهر، بدأت الجماعة التأهب في السعي لإسقاط الدولة ومؤسساتها، وصولاً إلى إعلان انقلابها وسيطرتها على المؤسسات المدنية والعسكرية، والاستحواذ على المعسكرات بما فيها من سلاح وعتاد.. ما مكنها من امتلاك قوة جبارة في وجه أبناء الشعب، بعد أن استطاعت المليشيا عزلهم عن القوى السياسية والعسكرية التي كان من الممكن حقاً أن تكون حامياً حقيقياً لهم ولكامل حقوقهم، ليس في التعبير والتظاهر وحسب وإنما حتى في الحياة والعيش بأمان..
ما إن تمكنت المليشيا من مقدرات وإمكانات الدولة في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الأخرى، حتى كشرت عن أنيابها وأومض السم القاتل في لعابها، فبدأت بمحاصرة المواطنين والتضييق عليهم ومواجهتهم بقبضة أمنية وعسكريةمن حديد ونار، وبلهجة تهديد ووعيد لا سابق لها، لتمنعهم حتى من التجمع في المقايل والطرقات، فما بالنا بالتجمهر أو التظاهر وتنظيم المسيرات..؟! واليوم هاهي المليشيا الإرهابية لا تزال مستمرة في التصعيد في ذلك، والتنكيل بالمواطنين الآمنين والمسالمين، حتى دون أن يفعلوا شيئاً، بدعوى أنهم قد يفعلون...!! أو قد يفكرون في فعل شيء يقلق أمن (المواطنين)، بينما يقصدون أمنهم هم وأمن انقلابهم المشئوم..!!
اليوم المئات بل الآلاف من المواطنين رهن المعتقلات والسجون، التي لم ينجز الحوثيون طوال أكثر من عشر سنوات سواها، فضلاً عن المقابر، التهمت الآلاف من شباب اليمن الذين راحوا ضحايا مجانية في صفوف المليشيا ودفاعا عن انقلابها وتمسُّكها غير المشروع بالسلطة التي اختطفتها عنوة، وأسرت تحتها جزءا كبيراً من الشعب، تحتمي به وتضحي بأرواح ودماء أبنائه، وتبتزه وتبتز العالم ببقائه تحت تسلطها الكهنوتي البشع..!! وها هي لا تزال اليوم تستخدم أسوأ وسائل الابتزاز والتهديد والوعيد باختطاف واعتقال المزيد من المسالمين دون تهم أو قرائن فعلية، فقط لتوجه مجدداً تهديداتها ووعيدها لكل اليمنيين، لئلا يفكروا مجرد تفكير في التعارض معها أو التعبير عن رفضهم لسلطتها الجائرة وانقلابها المشين..!!