محلي

تقرير: احتجاجات المكلا تحمل تداعيات خطيرة وتهدد بعدم الاستقرار

اليمن اليوم - خاص:

|
قبل 18 ساعة و 55 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

خلص تقرير نشرته شركة "ساري جلوبال" الأمريكية المتخصصة في حلول إدارة الأزمات، وتحليلات الأمن، وتخفيف المخاطر، إلى أن احتجاجات المكلا عاصمة محافظة حضرموت الساحلية شرق اليمن ليست مجرد بؤرة توتر بشأن الكهرباء، بل هي استفتاء على مصداقية الحكم وإخفاقات تقديم الخدمات المركزية في شرق اليمن. 

وحذّرت من أن انهيار البنية التحتية، والفراغ الحكومي، وحشد السكان يخلق بيئة مخاطر متعددة ومتقلبة، على رغم أن الاحتجاجات لم تتحول إلى عنف بعد.

وتشهد مدينة المكلا، موجة احتجاجات غاضبة منذ مساء 27 يوليو 2025، حيث يدفع الانقطاع المتكرر للكهرباء وارتفاع درجات الحرارة وانهيار الخدمات بشكل كامل السكان إلى حافة الهاوية. 

ومع انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 18 ساعة يوميًا، وانقطاع إمدادات المياه، وارتفاع أسعار الوقود بشكل جنوني، تدفق آلاف السكان إلى الشوارع، وأغلقوا الطرق بالإطارات المشتعلة، مطالبين باستقالة المحافظ مبخوت بن ماضي. 

ورغم أن التدهور الاقتصادي وانقطاع الخدمات واقعان مألوفان في جنوب اليمن، إلا أن حجم أزمة الكهرباء في المكلا الهائل والانتشار السريع للاضطرابات يمثلان نقطة تحول خطيرة. 

وأفاد التقرير بأنه مع غياب أي حل فوري في الأفق، وإلقاء السلطات المحلية اللوم على انقطاعات الوقود الخارجية، يهدد الوضع بالانزلاق إلى حالة من عدم الاستقرار المدني طويل الأمد، وربما إلى اضطرابات إقليمية.

وحافظت المكلا تاريخيًا على درجة من النظام المحلي بفضل موقعها الاستراتيجي وتوازنها السياسي بين الحكومة المركزية وهياكل السلطة المحلية. إلا أن نماذج الإدارة شبه المستقلة أدت إلى غياب الرقابة المركزية، لا سيما في قطاعات مثل الكهرباء وتوزيع الوقود والاستثمار في البنية التحتية.
وفي حين تواجه مناطق مثل الشحر ووادي حضرموت انقطاعات مماثلة في الكهرباء، فإن احتجاجات المكلا حادة بشكل خاص بسبب كثافتها السكانية، وموقعها الاقتصادي، وأهميتها الرمزية كعاصمة للمحافظة.

وأكدت "ساري جلوبال" في تقريرها أن المكلا تواجه منعطفًا حاسمًا. وإذا لم تعالج المظالم الحالية بإجراءات سريعة ومنسقة، فقد تتطور الاضطرابات إلى مقاومة مدنية مطولة، تتصاعد إلى تعبئة جماهيرية، أو شلل حضري محتمل، أو دعوات متجددة للحكم الذاتي المحلي. ونظرًا لمكانة المكلا كمركز لوجستي للعمليات الإنسانية، ونقل الطاقة، والسيطرة الإدارية على ساحل حضرموت، فإن زعزعة استقرار المدينة تحمل تداعيات خطيرة على كل من الحوكمة المحلية وأثر المشاركة الدولية.

وقال التقرير: "شلّت السلطة المحلية في المكلا وظيفيًا نتيجة للاعتماد على إمدادات الوقود الخارجية، وضعف الإدارة المالية، وتآكل ثقة الجمهور. وقد تسبب عجز المحافظة عن سداد ثمن شحنات الوقود من شركة بترومسيلة في انقطاعات متتالية في توليد الكهرباء في ست محطات رئيسية، منها باجرش، والريان، وجول مسحة، والفوعة".

ولفت إلى أن "نموذج الحكم في المدينة لامركزي ظاهريًا، لكنه يفتقر إلى الاستقلال المالي. وبينما تدخلت السلطات القبلية في ريف حضرموت أحيانًا لحماية البنية التحتية الحيوية، لا تزال المكلا تحت سيطرة الإداريين الحضريين الموالين للحكومة اليمنية، والذين أصبحت فعاليتهم الآن موضع تساؤل جدي".

وتشير الدعوات الشعبية لاستقالة المحافظ بن ماضي، والتي سمعت خلال الاحتجاجات، إلى تفاقم الخلاف بين المواطنين ومؤسسات الدولة. كما أن غياب المساءلة أو التحقيق الشفاف في إخفاقات شراء الوقود يفاقم تآكل مصداقية المؤسسات.

وركّز التقرير على العوامل الخارجية المركّبة لاحتجاجات المكلا، إذ أشار إلى مزودي الوقود في بترومسيلة ومأرب، الذين أصبحت شحناتهم غير منتظمة أو متوقفة، كأسباب رئيسية. 

وقد أدى عدم تسليم الشركتين الكميات المتفق عليها من الديزل بسبب عدم سداد المستحقات الحكومية إلى انهيار قطاع الطاقة.

وأوضح: "لم تتدخل الحكومة الشرعية، التي تمارس سيطرة إدارية غير مباشرة على حضرموت عبر وكلائها المحليين، علنًا، إلا أن تحالفها السياسي مع المسؤولين المحليين، بمن فيهم بن ماضي، يجعلها طرفًا فعليًا في أزمة الشرعية المتفاقمة".

ولم يتم تحديد هوية الجماعات المسلحة التي عطلت قوافل الوقود في الأسابيع الأخيرة بشكل رسمي، ولكن يعتقد أنها تشمل شبكات إجرامية ومليشيات محلية، وربما تعمل على ممارسة الضغط السياسي وتحقيق مكاسب مالية.

وفي التسلسل الزمني للأحداث تزايدت شكاوى المواطنين في المكلا بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر لست ساعات في ظل حرارة الصيف الشديدة. وبدأ السكان بنشر مقاطع فيديو وشكاوى عبر الإنترنت في 19 يوليو.

وخلال 21- 25 يوليو اعتذرت السلطات المحلية للكهرباء علنًا، مشيرة إلى توقف إمدادات الديزل وعجز في تسليم الوقود بلغ 290 ألف لتر.

وتعهدت تشكيلات قبلية في حضرموت بحماية قوافل الوقود، وفي الوقت نفسه، أفادت التقارير بأن الجماعات المسلحة قامت بتعطيل طرق نقل الوقود إلى المكلا.

وفي 27 يوليو اندلعت الاحتجاجات في أحياء متعددة من المكلا، بما في ذلك السلام وجسور الخور وشارع الصيادين وتقاطع كود.
كما سجلت احتجاجات في مدن مختلفة بمحافظة حضرموت منها مفرق ركاب والشحر.

وأغلقت الشرطة الطرق بالإطارات المشتعلة، وأظهرت مقاطع فيديو أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد فوق الأحياء السكنية.

وردد المتظاهرون شعارات ضد الفساد المحلي وانهيار الخدمات، محملين المحافظ بن ماضي المسؤولية المباشرة.
وفي 28 يوليو حذّرت شركة الكهرباء من انقطاع وشيك للكهرباء في جميع أنحاء المدينة بسبب إغلاق محطات توليد الطاقة. وأفادت التقارير بأن شركة بترومسيلة، مورد الوقود، لم تسلّم سوى كميات أسبوعية، وليس يومية.
وعقد المجلس المحلي في المكلا جلسة طارئة، واعترف بانقطاع الخدمة لكنه اتهم جهات لم يسمها بعرقلة تدفق الوقود.

وتتوسع الاحتجاجات إلى مدينتي ديس المكلا ومفرق ركاب، فيما تشهد مدينة الشحر القريبة مسيرات تضامنية أيضًا.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية