آراء

فبراير.. من ديمقراطية صالح إلى الانقلاب على الانقلابيين

شهاب السماوي

|
قبل 8 ساعة و 58 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

لم يعد شهر فبراير يمثل أقصر شهور العام وأقلها أياما ولم يعد شهراً يقاس بزيادة أيامه ونقصانها كبيس السنين وبسيطها في حساب الوقت فحسب، بل أصبح يمثل ذكرى سنوية لأسوأ كابوسٍ عاشه ويعيشه الشعب اليمني منذ أربعة عشر عاما.

شهر فبراير الذي شهد ثلثه الأول تدشين مؤامرة إسقاط النظام وتدمير المؤسسات والانتقال بالبلاد من معلوم الدولة إلى مجهول الفوضى، وشهد ثلثه الأخير إسقاط الديمقراطية واستبعاد الإرادة الشعبية واستبدالها بالتوافق، تحوّل موعد مجيئه إلى مناسبة سنوية يتحسر فيها اليمنيون على دولتهم التي تلاشت في غبار الفوضى ونظامهم الجمهوري الذي منحهم الحرية والعدالة والمساواة ويؤلمهم رؤيته اليوم مكبلا بالأغلال في زنزانة الكهنوت.

أربعة عشر عاماً منذ حلت الكارثة التي طحنت اليمنيين أيامها ولياليها وتعود بهم الذاكرة كلما عاد فبراير المشؤوم إلى وقائع إسقاط النظام وتفكيك الدولة وتسليم السلطة وتدمير المؤسسات وهيكلة الجيش وتمزيق وحدة الوطن وزعزعة الأمن والاستقرار ومصادرة الحقوق والحريات وتكميم الأفواه واستباحة الدماء والأعراض وامتهان المواطن وإعادته إلى ما قبل السادس والعشرين من سبتمبر.

في العام 2011 تحوّل عدم توقيع الرئيس علي عبدلله صالح إلى تهمة تلاحقه وتدينه بعرقلة مسارات إنهاء الأزمة وإحلال السلام، لكن ورغم أن موقف الرئيس صالح في عدم التوقيع أثار جدلا واسعا وأصبح المادة الرئيسية لتناولات جهلاء السياسة ومحللي قنوات زمن الفوضى، إلا ان كل ما قيل من هراء ظل بعيدا عن ملامسة الحقيقة ومعرفة الأسباب الحقيقية التي تدفع الرئيس صالح لعدم التوقيع.

كان الرئيس علي عبدالله صالح أكثر وعيا وفهما لمخططات الانقلابيين وما ستؤول إليه الأوضاع إن هو وقع على المبادرة وفقاً لنصها (قبل تعديله) ويدرك أن تسليم السلطة بموجب ما نصت عليه بنودها ودون الرجوع للشعب سيمثل الفصل الأخير للديمقراطية في اليمن، وسيمثل تدشينا رسميا لدخول اليمن واليمنيين عصر اللادولة واللانظام واللادستور.

تمسك صالح بالديمقراطية ورغم الإجماع على أن يتم نقل سلطات الرئيس لنائبه - بحسب ما نصت عليه المبادرة الخليجية - إلا انه أصر على أن تتم العملية بطرق ديمقراطية وعبر انتخابات تتجسد من خلالها إرادة الشعب وحقه في اختيار حكامه حتى وإن كان المرشح الرئاسي مرشحاً توافقيا ودون منافس.

انتصر صالح لإرادة الشعب والثوابت الوطنية، وتوج انتصاراته بتسليم السلطة سلميا في الـ21 من فبراير عام 2012م، إلا أن صناع النكبة لم يستوعبوا الدرس واتجهوا نحو تنفيذ مشروع تدمير المؤسسات وتفتيت الدولة وتقسيمها إلى كيانات وأقاليم.

لم يستوعب صناع نكبة فبراير الدرس ولأنهم يفتقرون لوطنية صالح وحرصه على اليمن واليمنيين، تنازلوا عن السيادة الوطنية وأدخلوا اليمن واليمنيين تحت الوصاية الدولية، ليفاجأوا بشريكهم في الانقلاب على الدولة ينقلب عليهم ويستولي على السلطة ويسيطر على مؤسسات الدولة وينفذ ذات السيناريو الذي أفشل الرئيس صالح تنفيذه من خلال نكبة فبراير التي صنعت مآسي الشعب اليمني.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية