محلي

الحرب والجوع والتشريد إرث نكبة فبراير في اليمن

اليمن اليوم - خاص:

|
12:42 2025/02/12
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

في مثل هذا اليوم وقبل أربعة عشر عامًا، خرجت احتجاجات في بعض المدن اليمنية، تطالب بما سُمي آنذاك ب"التغيير"، قيل أنها ثورة، لكنها مع مرور السنوات، أصبحت عند كثير من اليمنيين، "نكبة فبراير"، والتي جرت البلاد إلى حالة من الفوضى والإنهيار الاقتصادي، والأمني.

اليوم، وبعد أكثر من عقد على تلك الأحداث، لا تزال البلاد تعاني تداعيات ما بدأ في 11 فبراير 2011، حيث انهارت الدولة، واندلعت الحروب، وانتشرت الجماعات المسلحة، وتدهورت الأوضاع المعيشية إلى حدٍّ غير مسبوق.

في أحد الأحياء القديمة بمدينة تعز، يجلس الحاج نبيل عارف، (58 عامًا)، صاحب بقالة صغيرة، يحدّق بأسى في رفوف متجره شبه الفارغة، متذكرًا كيف كان الحال مختلفًا قبل فبراير 2011. يقول الحاج نبيل وهو يمسح بيده على جبينه المتعرّق تحت أشعة الشمس الحارقة: "قبل 2011، كانت الحياة أبسط بكثير، لم نكن نعيش في رفاهية، لكن كان هناك استقرار، وكانت البقالة تمتلئ بالبضائع، والأسعار معقولة، ولم يكن الناس يسألون عن سعر كل شيء كما يفعلون اليوم. أما اليوم، فكل شيء انهار، لا كهرباء، لا استقرار، والريال أصبح بلا قيمة. نحتاج إلى كيس نقود لنشتري به كيس دقيق!" يتوقف نبيل لبرهة ثم يضيف بنبرة محمّلة بالحسرة: "قالوا لنا إنها ثورة، لكنها كانت بداية الخراب... لم نجني منها إلا الحروب والجوع والتشريد."

الجوع يهدد الملايين

لم تكن قصة الحاج نبيل حالة فردية، بل تعكس واقعًا يعيشه ملايين اليمنيين، فقد تسببت تداعيات أحداث فبراير إلى انهيار الاقتصاد إلى مستويات كارثية. حيث فقدت العملة اليمنية أكثر من 400% من قيمتها منذ 2011، وفقًا للبنك الدولي. كان الدولار الواحد يُصرف بـ 215 ريالًا قبل الأزمة، بينما يتجاوز اليوم 1500 ريال، ما أدى إلى ارتفاع هائل في الأسعار.  في حين تضاعف معدل الفقر في اليمن ليصل إلى 80%، بعدما كانت أقل من 40% قبل 2011. وبات أكثر من 17 مليون يمني، يعانون من إنعدام الأمن الغذائي، بحسب تقرير برنامج الاغذية العالمي (WFP) لعام 2024.

يقول محمود عبدالله وهو موظف حكومي لم يتلقى راتبه منذ أشهر، "كنا نعيش في دولة مستقرة رغم بعض المشاكل، أما اليوم، فنحن في بلد بلا دولة، بلا حكومة حقيقية، كل شيء أصبح صعبًا، حتى الحلم بمستقبل أفضل لم يعد موجودًا."

حرب لا تنتهي

إلى جانب الأزمة الاقتصادية، دفع اليمنيون ثمنًا باهضًا على الصعيد الأمني،  وانتشار الجماعات المسلحة، وظهور مليشيا الحوثي، التي استغلت انهيار الدولة لفرض سيطرتها على مناطق واسعة، وتشريد ملايين اليمنيين، وفقًا لتقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة، لعام 2024،  فإن أكثر من  4.5 مليون يمني، نزحوا داخليا بسبب النزاع، معظمهم في تعز، مأرب، الحديدة، وصعدة.

يقول أحد سكان تعز، رفض ذكر اسمه، لدواع أمنية: "قبل 2011 كنا نعيش في استقرار، اليوم لانعرف من يحكمنا، كل طرف يسيطر على منطقة.. الجميع يتقاتل ولا أحد يهتم بالمواطن البسيط".


الاحتفاء بالجرح

بنبرة غضب، يبدي إنزعاجه المواطن، أسامة النخلي،  من الاحتفاء بأحداث فبراير، ويصف مشاهد الاحتفال، بأنها "احتفاء بالجرح" متسائلًا عن مدى جدوى التغيير الذي أحدثته أحداث فبراير" مالذي حققه فبراير لنا؟ تقاس الثورات دائما بالنتائج وليس بالنوايا، كانت الشعارات بمستقبل أفضل، لكن ماتحقق هو أننا نعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، أمن أجل ذلك نحتفل؟!"

لايختلف عنه كثيرًا المواطن أمين علي، الذي يرى أن المستفيدين من فبراير هم أولئك الذين جمعوا الثروات وانتقلوا للعيش في الخارج، بينما تركوا المواطن العادي يعاني. يقول: "من خلف الشاشات نراهم يحتفلون بفبراير، لكنهم يحتفلون بالقصور والأموال التي جنوها من الحرب، وليسوا مستعدين للعيش معاناة المواطن."

هل كان اليمن بحاجة إلى هذه الفوضى؟ سؤال يتكرر عند كثير من اليمنيين، في بلد لا يزال يعاني من أحداث ألقت به في دوامة لا نهاية لها من الانهيار والفوضى، والمعاناة.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية