أكدت الحكومة اليمنية ومنظّمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في تقرير مشترك أن واردات المواد الغذائية ازدادت عبر موانئ البحر الأحمر (الحديدة والصليف) بشكل كبير مع انخفاض حجم الواردات عبر ميناء عدن.
وأوضح التقرير أن واردات القمح عبر موانئ البحر الأحمر التي يسيطر عليها الحوثيون، تضاعفت في سبتمبر 2024 بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنةً بالشهر السابق والشهر نفسه من العام الماضي.
وعلى العكس من ذلك، شهدت واردات القمح عبر بحر العرب انخفاضاً حاداً بنسبة 60% و61% مقارنةً بالشهر السابق وسبتمبر 2023 على التوالي. ويرجع ذلك في المقام الأوّل إلى نقص العملة وانخفاض قيمتها. كما شهد الوقود (الديزل والبنزين) اتجاهات مماثلة.
وأفاد التقرير المشترك حول السوق والتجارة في اليمن بأن قيمة العملة المحلية (الريال اليمني) في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً استمرّت في الانخفاض مقابل الدولار في أكتوبر 2024، بعد استقرار مؤقت في سبتمبر.
وعلى النقيض من ذلك، ظل الريال اليمني مستقراً في مناطق سيطرة الحوثيين خلال نفس الفترة.
ويتجاوز سعر صرف الريال حالياً مقابل الدولار ألفي ريال في مناطق سيطرة الحكومة، مقابل أقل من 540 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين.
ومنذ مايو 2023، فقدت العملة المحلية في مناطق الحكومة قيمتها بشكل كبير، حيث انخفضت بنسبة 25% على أساس سنوي و36% مقارنةً بمتوسّط السنوات الثلاث. في المقابل، ظل الريال اليمني في مناطق الحوثيين مستقراً نسبياً وحتى أنه ارتفع بنسبة 6% مقابل الدولار مقارنةً بمتوسّط السنوات الثلاث.
وتعزى القيمة الضعيفة للريال اليمني في مناطق الحكومة إلى حد كبير إلى احتياطيات النقد الأجنبي المستنفدة، والتي تفاقمت بسبب الأزمة المالية المستمرة.
وخفّفت لوائح سعر الصرف الصارمة في مناطق الحكومة من الضغوط على الريال اليمني، على الرغم من نقص الدولار.
ولفت التقرير إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل طفيف في مناطق الحكومة اليمنية، بينما ظلت مستقرة في مناطق سيطرة الحوثيين.
وكان البنك الدولي أفاد في أحدث إصدار له من تقرير "المرصد الاقتصادي لليمن"، أن الاقتصاد اليمني لا يزال يواجه تحديات متفاقمة، حيث يؤدّي طول أمد الصراع، والتشرذم السياسي، وتصاعد التوتّرات الإقليمية، إلى دفع البلاد إلى منزلق أزمة إنسانية واقتصادية أكثر حدّة وخطورة.
ويكشف التقرير والذي صدر تحت عنوان "مواجهة التحديات المتصاعدة"، أنه من المتوقّع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي لليمن بنسبة 1% في عام 2024، في استمرار للانخفاض، وذلك بعد انخفاضه بنسبة 2% في عام 2023، ما يؤدّي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، لتصل نسبة الانخفاض إلى 54% منذ عام 2015.
ودفع الصراع معظم اليمنيين إلى براثن الفقر، في حين وصل انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يعاني أكثر من 60% من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي.
ويسلّط التقرير الضوء على المصاعب الاقتصادية الكبيرة بسبب استمرار الحصار الذي فرضه الحوثيون على صادرات النفط، والذي أدّى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة المعترف بها دولياً بنسبة 42% في النصف الأوّل من عام 2024، ما منعها من تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وأدّى توقّف الحكومة عن تصدير النفط، إلى جانب الاعتماد الكبير على الواردات، إلى تكثيف الضغوط الخارجية، ما تسبّب في انخفاض قيمة الريال اليمني في سوق عدن من 1619 ريالاً للدولار في يناير 2024، إلى 1917 ريالاً بنهاية أغسطس.