انتقدت "اللجنة الوطنية للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان" عدم إيجاد آلية عاجلة للمساعدة في وقف التدهور المتسارع في سعر العملة اليمنية، وارتفاع الأسعار، وتردّي الخدمات الأساسية أو رفع مستوى معيشة المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
وأكدت في تقريرها الدوري الـ 12 الذي يغطي الفترة من الأوّل من أغسطس 2023 حتى نهاية يوليو 2024، أن عدم إنجاز أي تسوية سياسية وتعثّر التقدّم في عملية السلام إلى اليوم انعكس سلباً على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في اليمن، وتفاقمت معاناة المواطنين الإنسانية، ما وفّر بيئة خصبة لعوامل التدهور المستمر وتكريس حالة انقسام السياسة النقدية والتحوّل إلى اقتصاد مزدوج مفروض واقعاً.
وأشارت إلى التراجع عن تنفيذ قرارات البنك المركزي بعدن الأخيرة بناءً على اتفاق أعلنه المبعوث الأممي إلى اليمن في 22 يوليو الماضي، والذي سبقته ضغوط دولية عبر المبعوث الأممي على البنك المركزي والحكومة الشرعية لتأجيل نفاذ قرارات البنك إلى نهاية أغسطس بغية السير في إجراءات عملية السلام والتفاوض.
ولفت تقرير لجنة التحقيق إلى استمرار توقّف تصدير النفط والغاز، وانخفاض الموارد الحكومية، واستمرار تدهور سعر العملة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، حيث تخطّى سعر الدولار الواحد 1950 ريالاً في انهيار غير مسبوق.
ونبّه إلى استمرار الأداء المتدنّي لميناء عدن مقارنةً بانتعاش ميناء الحديدة بعد رفع القيود عن الاستيراد عبره. في الوقت الذي يستمر فيه انقطاع رواتب الموظّفين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، مع استمرار فرضها جبايات مبالغ فيها على صغار وكبار التجّار تحت مسميّات مختلفة وبالقوة، ومضايقة رؤوس الأموال والمستثمرين، واستمرار مصادرة ممتلكات وعقارات وأموال المخالفين لهم سياسياً.
كما يقوم الحوثيون بفرض جبايات مضاعفة على البضائع في المناطق الرابطة بين المناطق الحكومية ومناطق سيطرة الحوثي، توازي الرسوم الضريبية والجمركية التي تفرضها على السلع المستوردة عبر ميناء الحديدة، ما أجبر شركات الاستيراد والتجّار على وقف الاستيراد عبر ميناء عدن والاتجاه إلى ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، ما أضرّ بإيرادات الدولة بشكل مباشر، خصوصاً مع استمرار توقّف تصدير النفط.
ورأت لجنة التحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أن الهجمات التي تشنّها الميليشيا الحوثية الموالية لإيران على السفن التجارية في البحر الأحمر وباب المندب منذ أواخر العام الماضي كان لها تأثير جلي على الوضع الاقتصادي في اليمن من حيث ارتفاع سعر كلفة السلع الأساسية بسبب رفع رسوم الشحن والتأمين الناتج عن مخاطر الهجمات وتطور الصراع، وتوقّف وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية.
وحذّرت من تداعيات خطيرة على الوضع الأمني والعسكري والسياسي في اليمن، إذ أدّت هجمات البحر الأحمر وما تبعها من هجمات جوية أمريكية وبريطانية استهدفت مناطق سيطرة الحوثيين منذ 12 يناير الماضي، إلى ازدياد وتيرة الانتهاكات والقمع من قبل الحوثيين، وشنّ حملات مداهمات واعتقالات، مثل حملة الاعتقالات التي طالت موظّفين أممين تابعين لمنظّمات دولية أممية ومحلية غير حكومية، وموظّفي سفارات سابقين، ومالكي بعض الشركات والمؤسّسات التجارية وشركات أدوية وبعض موظّفيها، بالإضافة إلى تربويين وناشطين.
ولم يغفل التقرير ذكر وضع الحوثيين قيودا على عمل منظّمات الإغاثة الإنسانية خصوصاً مع الاعتقالات الأخيرة التي طالت موظّفين أممين وتأثّر وصول المساعدات الإنسانية بذلك.
وأوصت اللجنة الحكومة باعتماد سياسة اقتصادية شاملة تساهم في إيقاف تدهور العملة ورفع المعاناة عن المواطنين، والاستمرار في صرف رواتب الموظّفين في كافة محافظات اليمن.
وطالبت باعتماد خطط للإصلاح المؤسّسي، وتفعيل كافة مؤسّسات الدولة الخدمية (الصحة، الكهرباء، المياه، النظافة) وضمان حصول المواطنين على حقوقهم الاجتماعية المنصوص عليها في القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من اليمن.