قال تحليل لمعهد كارينغي إنه أصبح من الصعب بشكل متزايد على الكرملين الحفاظ على مسافة متساوية في الصراع اليمني، حيث إن تفاعل موسكو المتزايد مع الحوثيين، بما في ذلك على المستوى العسكري، يترك تأثيرا قويا على الوضع.
وأضاف أن الشراكة بين روسيا وإيران، التي تزداد قوة نتيجة للتعاون العسكري في حرب موسكو ضد أوكرانيا، يتردد صداها في أجزاء مختلفة من العالم. ففي اليمن الذي مزقته الحرب، يؤدي ذلك إلى تقارب موسكو مع المتمردين الحوثيين الموالين لإيران.
وتابع التحليل بالقول إن روسيا حاولت لفترة طويلة الحفاظ على مسافة متساوية من جميع الأطراف في الصراع اليمني، غير أن المستشارين العسكريين الروس يعملون الآن في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، ولم تستبعد موسكو تزويد المتمردين بالأسلحة. ونتيجة لذلك، إذا حدث هناك أي تصعيد جديد في اليمن، وهذا أمر محتمل جدا، نظرا لهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، فقد تجد موسكو نفسها كأحد أطراف النزاع في اليمن.
وأشار التحليل إلى أنه بعد بدء الحرب الأهلية في اليمن في عام 2011، اتخذ الكرملين موقفا متكافئا من جميع الأطراف ولم يتدخل بفعالية، على عكس الأزمتين الليبية والسورية. وظلت السياسة الروسية دون تغيير بعد أن شنت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها عملية عسكرية ضد الحوثيين في مارس 2015. واكتفت موسكو بدعوة جميع الأطراف إلى "الوقف الفوري لأي شكل من أشكال الحرب".
وذكر أن روسيا أبقت طوال فترة القتال على الحوار مع جميع الأطراف الرئيسية المنخرطة في الصراع اليمني، ولا تزال تفعل ذلك. ويجتمع الدبلوماسيون الروس بانتظام مع ممثلي مجلس القيادة الرئاسي المعترف به دوليا، والمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، والحزب الحاكم السابق (المؤتمر الشعبي العام)، الذي دخل في تحالف مع الحوثيين. غير أنها في الآونة الأخيرة ، أظهرت تحيزا واضحا لصالح الحوثيين.
وخلال العامين ونصف العام الماضيين، التقى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بممثلي الحوثيين أربع مرات على الأقل، أكثر من أي طرف آخر منخرط في الصراع في اليمن. والآن يترجم هذا العدد من اللقاءات تدريجيا إلى منحى نوعي.
وكشف التحليل إن هناك الآن مستشارين من وكالة الاستخبارات العسكرية الخارجية الروسية يعملون في صنعاء تحت ستار عمال إغاثة إنسانية. وقد تم الإبلاغ عن ذلك من قبل وسائل الإعلام نقلا عن المخابرات الأمريكية، ومن قبل مصادر خاصة مقربة من الحوثيين. ووفقا للمصادر، يعمل المدربون العسكريون الإيرانيون وغيرهم من المتخصصين في اليمن منذ سنوات عديدة بموجب مخطط مماثل.
كما لفت إلى أن العديد من وسائل الإعلام الأمريكية ذكرت في صيف عام 2024 أن الكرملين كان يستعد لتزويد الحوثيين بالأسلحة، إلا أنه اضطر إلى التخلي عن الفكرة بضغط من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. غير أنه مع ذلك، أبلغ خبراء الأمم المتحدة مرارا وتكرارا عن محاولات لتهريب صواريخ موجهة مضادة للدبابات من طراز كورنيت 9M133 Kornet، وبنادق هجومية من طراز AKS-20U، وأسلحة أخرى إلى اليمن، وهي أسلحة لها نفس المواصفات الفنية والعلامات المماثلة لتلك المنتجة في روسيا. ويبدو أن إيران متورطة أيضا في هذا المخطط.
وأوضح التقرير إن التعاون مع إيران هو الذي دفع الكرملين إلى الانخراط بشكل أكثر فعالية في الصراع اليمني إلى جانب الحوثيين. فبعد أن أصبحت موسكو تعتمد على إمدادات الأسلحة الإيرانية في حربها ضد أوكرانيا، يجري حاليا جذب موسكو بشكل متزايد إلى مجال طهران في الشرق الأوسط، وبالتالي فقد بدأت بدعم الأقمار الصناعية الإيرانية في المنطقة بفعالية.