امعانا منهم في صناعة العدو والخطر الوهمي، أمضى الحوثيون سنوات طويلة وهم يشحنون ويعبئون أتباعهم أنهم يخوضون مواجهة وحربا (وهمية) مع إسرائيل، وذلك لاستثمار الدعم والتأييد والتضامن في أوساط اليمنيين إزاء القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب الفلسطيني، وبالتالي توظيف مشاعر العداء تجاه إسرائيل كوقود للتأليب والحشد لخوض معاركهم الخاصة في الداخل اليمني بغية تثبيت أركان حكمهم القائم على الولاية.
وهم بذلك يقتنوا ما قاله نعوم تشومسكي: "إن أردت أن تغزو شعبٍ ما، فاصنع لهم عدواً وهمياً يبدو أكثر منك خطراً، ثم كن المنقذ لهم من هذا العدو!"
ومثلت الحرب الأخيرة في غزة بما شملت من جرائم إسرائيلية شنيعة موسما رائجا، لامتطاء صهوة القضية الفلسطينية، وليسوق الحوثيون أنفسهم في الداخل اليمني والفضاء العربي كمناصرين للشعب الفلسطيني، طمعا في كسب الدعم والتأييد، والولوج لأي نافذة للشرعية الشعبية ولو باختلاق حرب وهمية، وصناعة عدو جديد، هربا من الاستحقاقات الداخلية للحوثيين تجاه السكان، خصوصا الخدمية والاقتصادية ودفع كلف الحرب الطويلة، لا سيما منذ دخولهم في هدنة مع السعودية قبل عامين، حيث بدأت خلال هذه الفترة مشاعر السخط والاحتجاج بالتشكل في أوساط المواطنين، خاصة من قبل موظفي القطاع العام الذين يطالبون برواتبهم المقطوعة منذ سبع سنوات.
ومساء اليوم السبت، قصفت طائرات مقاتلة إسرائيلية أهدافا عسكرية للحوثيين في ميناء الحديدة، حسبما قال الجيش الإسرائيلي. وقال الجيش الإسرائيلي تأتي الضربة ردا على مئات الهجمات التي نفذت ضد إسرائيل في الأشهر الأخيرة. ويوم أمس الجمعة، ضربت طائرة مسيرة إيرانية الصنع بعيدة المدى وسط تل أبيب في هجوم تبنته ميليشيا الحوثي وأسفر عن مقتل رجل وإصابة أربعة آخرين، حسبما ذكر الجيش الإسرائيلي وخدمات الطوارئ.
وعلى الفور، سارع الحوثيون لتأجيج واستثمار مشاعر الغضب في أوساط اليمنيين من الهجمة الإسرائيلية، حيث صرح المتحدث العسكري باسم أنصار الله الحوثيين بالقول: "سنرد على العدوان الإسرائيلي السافر على الحديدة.. لن نتردد في ضرب الأهداف الحيوية للعدو الإسرائيلي.. نعد العدة لمعركة طويلة مع الكيان الإسرائيلي ومنطقة تل أبيب غير آمنة". فيما صرح حليفهم حزب الله بأن "العدوان الصهيوني على اليمن تأكيد للأهمية القصوى لجبهات الإسناد بالمنطقة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني".
فهل أهدت اسرائيل وقودا اضافيا للحوثيين؟ بحيث يستفيد الحوثيون من استغلال وتوظيف هذه الهجمة لتأليب وحشد مؤيدين ومناصرين جدد لاستثمارهم وقودا في محارقهم مع القوات الحكومية في الداخل اليمني