الحظ الجيد لا يأتي دائما ومنتظماً، شأنه شأن المصادفة التي تتجرد من كونها مصادفة إذا حظيت بانتظام وسريان مرتقب أو معدّ له.. ولكن يبدو أن ذلك لأسباب لا يحدث مع أحوال وواقع مليشيا الحوثي الانقلابية..!! والدليل على ذلك أن هذه الجماعة الإرهابية ما تزال موجودة على الساحة منذ بداية دخولها صنعاء وانقلابها، وربما من قبل ذلك، فنجاح الجماعة في الخروج من كهفها المظلم وإشهار نفسها وتجاوز كل مواصفاتها وقدراتها المحدودة ثم تجاوز الجغرافيا والتاريخ والعوائق العسكرية والقبلية والاجتماعية، في وقت قياسي وصولاً إلى مركز السلطة والانقلاب على الدولة ونهبها واحتلال مؤسساتها، كل ذلك لم يكن ليحدث لو أن الأمر ترك لطبيعته الافتراضية، ولا يمكن أن يكون حسن الحظ بالنسبة للعصابة، وفي المقابل سوء الطالع لليمن واليمنيين، هو من يقف وراء ذلك التجاوز المخاتل الذي وصلنا عبره لما نحن فيه من واقع بائس منذ ما يقارب عقد من الزمن..!!
والإشارة أو النعنى المراد هنا هو أنه ليس من المستبعد وإنما من المستحيل أن يكون لحسن الحظ أو للصدفة دخل فيما يجري، خصوصاً فيما يتعلق بوجود العصابة الانقلابية، ووصولها لأن تكون عامل قوة رئيسي في اليمن وطرفاً يقف في وجه أطراف سياسية وعسكرية وشعبية تتجاوزه عمراً وقدرة وخبرة وحنكة، ما لم يكن هناك من يقف وراء تحجيم هذه الأطراف وتقزيم كل قوة أخرى موجودة على الساحة، لصالح هذه العصابة الإجرامية، وهو لا أقول طرف وإنما أكبر من ذلك بكثير، إنه كنترول فوقي معد له باتقان، ليقوم من خارج الحدود بإدارة الأزمة المفتعلة في اليمن وبالتالي إدارة بيئتها وجميع تفاصيلها وإدارة الأطراف من داخلها وخارجها وتنظيم تحركاتها وأدوارها بل ومكاسبها وخساراتها أيضاً..!!
إن المكاسب المتنامية التي تحققها المليشيا المنقلبة منذ العام 2011م، ومروراً بلحظة الانقلاب التي تبدو للمتابع كم هي مدبرة ومدارة بعناية لا حدود لها.. وفي المقابل الخسارات التي تمنى بها الشرعية من انقسام وتشظ وعدم واحدية في الأهداف والقرارات، بالإضافة إلى استلابها الخيارات والقدرات الكفيلة بمواجهة الانقلاب واجتثاثه...، يقول الواقع، وإن حاولت الحقائق الظاهرة إحداث خداع بصري أو ذهني، أن كل ذلك لم يكن له أن يوجد أو يحدث إطلاقاً، لو لم يكن هناك طرف خارجي أكبر من كل الأطرف المعلنة حتى على المستوى الإقليمي، هو من رسم لليمن هذا المخطط البشع الذي نعاني منه كيمنيين منذ عشر سنوات مرت مريرة وعاصفة وموجعة بكل المقاييس..!!
يجب أن نراجع كل ملفات الواقع الظاهرة منذ بداية الانقلاب وحتى اليوم بتمعن، ونفتش في الحقائق أو بالأصح ما اعتبرناها حقائق، لندرك جيداً أننا أمام سيناريو قذر استهدفت به اليمن، سيناريو كانت العصابة المنقلبة فيه المنفذ الرئيسي، وبشراكة قسرية فوقية أيضا من قبل الشرعية التي تبدو أطرافها متنافرة وعلى صفيح ساخن من الخصومة، أكثر من كونها تشكل طرفاً واحداً عليه مواجهة خصم يتم تضخيمه والترويج لوجوده بطرائق مختلفة لاستخدامه في مهمة تدمير اليمن وتفكيك عراه المختلفة، لصالح مشروع خارجي.. وقد نجح حتى الآن في ذلك، وها قد بدئ استخدامه لتنفيذ مهام إقليمية أكبر، تخدم ذلك المشروع وأصحابه الكامنين في الخفاء، والذين ما يزالون بحاجة ماسة لخدمات العصابات والمليشيات والجماعات التي استخدمتها وما تزال تستخدمها في تفعيل وإدارة أزمات المنطقة.