آراء

ضيوف جوعى على طاولة الأزمة..!!

وسام عبدالقوي

|
10:35 2024/07/06
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

اتصفت الأزمة اليمنية، التي أسس لها انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على أجهزة الدولة ومؤسساتها بالعاصمة صنعاء، بالأحداث المفاجئة وغير المتوقعة، وبشكل منتظم يشي بأن وراءه من يديره بإتقان، وبما لا يقل تقديراً أو مماثلة عن غرف وأجهزة استخبارات، متمرسة وحاذقة في صناعة الأزمات وإدارتها، ابتداء من تحول جماعة كانت مطاردة في الجبال والأودية، إلى قوة تجابه الدولة، وليس هذا وحسب، بل وأصبحت اليوم تواجه قوى دولية، هي الأقوى في العالم إذا أردنا التحديد والدقة في التوصيف، لأن الدقة في التوصيف ذاتها هي إحدى المفاجآت التي صنعتها هذه الأزمة، وألقت بأفواج هائلة من الأسئلة، سواء أمام العامة، أو أمام المحللين والمتخصصين..!!

ونلاحظ منذ بداية الأزمة أننا نجد أنفسنا من يوم لآخر أمام طبق مبتكر جديد، يقدمه الرعاة على طاولة الأزمة، فلا يتركون لنا فرصة للتساؤل حول مكونات الطبق، حتى يباشروا بتقديم الطبق التالي مختلفاً في شكله وماهيته وألوانه، فلا نجد كمعازيم على هذه الطاولة، غير أن نتقبل أن نكون سلبيين في التعامل ورد الفعل، وفي ذات اللحظة إيجابيين، رغما عنا، في التعاطي والتاهم ما يقدم لنا، باعتبار أنه وصل إلينا من أكبر المطابخ في العالم ومن تحت أيادي أمهر الطهاة.. وهذا ما أريد به الإشارة إلى أننا، سواء كيمنيين أو عرب أو حتى كجمهور عام، مخدرون تماماً بقلة حيلة مفروضة، لم يكن ولم يصبح لنا أي دور فاعل غير القبول بالواقع، لا يمكننا حتى التساؤل أو وضع الفرضيات والتوقعات..

إننا أمام واقع يقول لنا بملء فمه: نعم هذه طاولتكم، ولكن أنتم مجرد ضيوف في مناسبة لا يحق لكم حتى التساؤل عن ماهيتها، من ينظمها..؟ لصالح من..؟ من يدير تفاصيلها..؟ هذه أمور لا تعنيكم وعليكم أن تتقبلوا كونكم ضحايا فيها..!! أي مهانة وصل إليها أمرنا..!! وأي واقع نواجه ليس فيه من الواقعية إلا كونه مفروضاً وأمراً قسريا علينا تقبله والإذعان له، وتلقي صفعاته الواحدة تلو الأخرى، دون القدرة حتى على الرفض والتذمر بصوت عال، فما بالنا بالرفض والمواجهة، والمشاركة الفاعلة في تحديد المصائر..؟! إننا فير قادرون حتى على قلب الطاولة لمعرفة ما يقرص ويلدغ أقدامنا تحتها، لأننا مخدرون ونساق كدمى أو بشر آليين، تم نزع أدمغتها ومشاعرها وتبديلها بآلات تدار من خارج الطاولة ومكان الاستضافة برمته..!!

وفي الختام فإن الحقيقة التي يحزننا الاعتراف بها هي أن مديري هذه الأزمة الملعونة، استطاعوا بمهارة تحييدنا عن مركز أو مستوى الفاعلية والتأثير، بشغلنا بقضايا وموضوعات وتساؤلات فردية، أقربها إلى المتناول كيف سنستطيع أن نعيش وأن نعول أنفسنا ومن يقعون تحت وصايتنا ومسئوليتنا ممن هم ما يزالون بأمس الحاجة إلينا..؟! 
يا إلهي إنهم يلهوننا على الطاولة بأطباق ملؤها سراب ولاشيء..!! لنكتشف ونحن كما نحن مخدرون وقليلو حيلة، أنهم قد يستخدمون ضدنا في هذه الفوضى واحداً من  أقذر الأسلحة التي استخدمت في التاريخ، استخدموا ويستخدمون الجوع كوسيلة لشغلنا عن كل شيء يتجاوز خصوصياتنا، أو بالأصح يتجاوز بطوننا وبطون أهلنا ومن نعيل..!! يفعلون ذلك نعم من وراء الجدران والسواتر أو في أحسن الأحوال متخفين في هيئات بشر مصلحين أو جرسونات مهذبين..!!

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية