محلي

الرياحين .. رسائل اجتماعية وطقوس نبيلة

اليمن اليوم - تقرير شهاب السماوي:

|
06:50 2024/03/24
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

مثلت الرياحين والنباتات العطرية روح اليمن وزكي أندائها الذي جاب الدنيا وعطَّر العالم القديم ومن أجل إيصاله رسم اليمنيون طرق التجارة في الفيافي والقفار فيما عُرف قديما بطريق البخور الذي ما تزال شواهده ومآثره عنواناً لأروع حكاية من حكايات حضارة العطر في بلاد العرب السعيدة.

وتكتسب الرياحين مكانةً كبيرةً في حياة اليمنيين الذين ينظرون إليها كنباتات مقدسة تحظى بالاهتمام والرعاية منذ الأمس البعيد وحتى اليوم، ما يؤكد أن ملكة النباتات العطرية ما تزال تتربع على العرش وتهدي اليمنيين المتمسكين بموروثهم الشعبي تاجاً من جمال وعطر.

ونظرا لتعلق اليمنيين وارتباطهم الوثيق بهذا النوع من النباتات أصبحت الرياحين أهم النباتات التي يحرصون على زراعتها في المنازل حيث تقوم النساء إما بتخصيص مساحات صغيرة حول منازلهن لزراعة الريحان أو زراعتها في أواني فخارية في الأسطح والشرفات التي تتحول إلى أفنان خضراء تفوح عطراً وتضيف جمالا إلى جمال المنازل.

وفي الوقت الذي يعتبر التزين بالرياحين أو ما يعرف بـ"المشاقر” بمختلف أنواعها تقليدا متوارثاً في الثقافة الشعبية عند اليمنيين ورمزاً للأناقة والجمال والسعادة والسرور، إلا إن طقوس واستخدامات نباتات الريحان لا يتوقف عند حدود الزينة بل تتجاوزها إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، حيث تؤكد العديد من الأبحاث المتعلقة بالموروث الشعبي إلى أن للرياحين طقوس واستخدامات متعددة وأن كل نوع من هذه النباتات يرمز لمناسبة معينة ويرتبط بها ولا يتعداها إلى غيرها.

وترجمة لمثل هذا التعدد فقد تم تصنيف الرياحين وفقاً للمناسبات لدرجة أن كل نوع ارتبط ارتباطا وثيقا بنوعٍ معين من المناسبات ويرمز إليها، وفي الوقت الذي كان وما يزال نبات "الشذاب" يرتبط بالمرأة والمناسبات النسائية كالزفاف والولاد وغيرها، فقد ارتبط نبات الحمحم أو الريحان الأحمر بالرجال بشكل عام.

ووفقا لما دونته الذاكرة الشعبية فقد كان كل نوعٍ من أنواع الرياحين يرتبط بطقس ومناسبة اجتماعية مختلفة، بل ويمثل رسائل اجتماعية يتناقلها ويقرأها الناس ويدعون الآخرين من خلالها لحضور مناسباتهم.

ومن أجمل وأنبل استخدامات الريحان وأبلغ رسائله عند اليمنيين قديما، أن يتم تعليق غصن ريحان نوع حمحم أبيض أعلى باب البيت للإشارة إلى أن صاحب البيت أو أحد سكانه مريضاُ فيأتي الجيران لزيارته، وفي حالة ولادة إحدى النساء يتم تعليق غصن ريحان نوع شذاب لإبلاغ النساء بأن في البيت نفساء فيأتين للتهنئة والمجابرة.

أما في حالات الزواج فيتم اظهار "مجاول الريحان" وهي الأنية التي تزرع فيها الرياحين، من خلال وضعها في أطراف سطح الدار ليراها الناس ويعلموا بأن سكان المنزل يستعدون لزفاف أحد أبنائهم، وفيما يسارع الرجال عند رؤيتها للقاء رب المنزل لمناقشة ترتيبات الزفاف تحمل النساء مجاول ريحان ويسارعن لتقديم المساعدة لأم العريس أو العروس ومعاونتها في ترتيب وتزيين البيت.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية