بحفاوة خادعة حاولت الميليشيا الحوثية ان تبالغ في الاحتفاء بتحرير أسراها، ورسم صورة زائفة عن اهتمامها بهم، وتصوير الافراج عنهم وكأنه انتصار ساحق للحوثي القابع في الكهوف، لا لشيء إلا لصرف الانظار عن فظائعها وجرائمها في حق اسراها وحق اليمنيين جميعا، كقاتل مكابر؛ يحاول درء التهمة عن نفسه.
منذ وصول اسرى الميليشيا الحوثية إلى مطار صنعاء وهي تستقبلهم بالأهازيج والمواكب، والاحتفالات الرسمية المتكلفة، وإطلاق الأعيرة النارية والمدفعية والألعاب النارية التي أرعبت الأحياء السكنية، وتذرف دموع التماسيح على فرحة لقائهم بأحبتهم، وتصوير الافراج عنهم وكأنه انتصار ساحق للحوثي القابع في الكهف، وايهامهم بأن تضحياتهم هي من أثمرت هذا النصر، متناسية ان تحريرهم تم عبر الصليب الأحمر بصفقة تبادل إنسانية وجهود دولية لا فضل فيها لحوثي مطلقا.. ولولا الجهود الأممية وتنازلات الآخر لمات الكثيرون في غياهب السجون انتظارا.. كعادتها في قلب الحقائق عكسياً، وتحويل جرائمها إلى منجزات خارقة، واستغلال كل شيء لصالحها، لخداع مناصريها، وجبر خاطر أسرى منهكين أذلتهم الزنازين بسببها دون غيرها..
فمن يحتفي اليوم بأسراه في صنعاء هو الذي ساقهم بيديه من بيوتهم الآمنة إلى محارق الموت وعذابات السجون، مثلما ساق بلداً بأكمله إلى جحيم لا يطيقه بشر، بسبب غطرسة منتفشة وعصبية جاهلية وحرب جهنمية أحرقت اليمن وشردت الملايين ومزقت التعايش، ودمرت التنمية والاقتصاد، وقطعت أرزاق الناس ولقمة عيشهم!
اليوم تحتفي المليشيا بتحرير أسراها وتطييب خواطرهم، لينسوا انها هي من عرقلت ملف الأسرى منذ وقت مبكر طيلة السنوات الماضية، بسبب تعنتها ومراوغاتها وسقوفها المرتفعة في كل تفاوض ورفضها للسلام، رغم أن تحريرهم قضية انسانية بحتة ومطلب شعبي ودولي دعاها لإنهائه كليا وفق مبدأ الكل مقابل الكل، فيما لعبت المليشيا على تقسيطه وتفكيكه وَاضاعة الوقت لتاً وعجنا وضغطا، لتحقيق مكاسب ذاتية، دون استشعار لآلام الأسرى وأوجاعهم في المعتقلات!
وعلاوة على حفاوتها التهريجية تحاول المليشيا ايضا خداع أسراها بأنهم طينة مقدسة وحربهم مقدسة، وايهامهم بأنهم ملائكة- لهم الجنة، وتصوير الأسرى الآخرين كشياطين- لهم النار، وتسخير منابر رمضان لتشنيعهم.. متجاهلة ان الأسرى كلهم يمنيون، ضحايا لأحلام سلالية بائدة، وما الاحتفاء بهم بعد كل هذا الإمطال والاهمال إلا صورة مخزية يندى لها الجبين، ومشهد مؤلم أُدمى قلوب اليمنيين جميعا، وذكّرهم بعنتريات حمقاء لجماعات عميلة اوغلت في تدمير وطنها وتمزيق جغرافيته وهدم البيت اليمني على رؤوس الجميع، خدمة لأطماع سلطوية وأجندات خارجية خبيثة لا يهمها دماء اليمنيين.
اليوم تتفاخر وتتباهى بطريقة استقبالها لأسراها والاحتفال بعودتهم، ما اثار سخرية واسعة في الداخل والخارج، فقد علق ناشطون في صنعاء بقولهم لوكان لديها ذرة وطنية لتفاخرت بخدمتها لعامة الشعب ونافست خصومها بتوفير الخدمات الضرورية للناس وتحسين حياتهم، وانجاز ملف مرتبات الموظفين، ولتعاونت مع دعاة السلام لحقن دماء اليمنيين وإنهاء حربها القذرة، لكنها تتلاعب بكل الأطراف ولا تملك قرارها، ولا يهمها سوى شؤونها ومصالحها ومشاريعها الخاصة، وشؤون من يدورون في فلكها وينافقونها، ويطبلون لها!