آراء

من أجل القيم والمبادئ كانت انتفاضة الـ2 من ديسمبر

طه الهمداني

|
11:49 2022/12/06
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

 أي شخص في الحياة هو مجموعة من المبادئ والقيم والثقافات والرؤى، وصفات كثيرة تعزز حضوره في الحياة وتنعكس على سلوكياته ومنهجه في الحياة، وبهما يتحدد المسار والمشوار الذي سيسير عليه مهما كلفه ذلك من ثمن، انتصاراً لمُجمل القيم والمبادئ التي آمن بها وعكسها فكراً وسلوكاً واستعد للدفاع عنها.
 
وقد أدرك الزعيم علي عبد الله صالح ذلك منذ وقت مبكر، وهو يدير دفة الحكم باقتدار ودهاء جعلاه قريباً من الكثير وعلى مسافة واحدة من هذه الجغرافيا المترامية الأطراف والمجتمعات المختلفة الألوان والمشارب والأعراف والطبائع.
 
والحديث اليوم عن الذكرى الخامسة لانتفاضة الثاني من ديسمبر، التي لم يكتب لها النجاح تماماً، وفقاً لمقاييس البعض، والتي قادها بشرف وبطولة خالصة وشجاعة نادرة الزعيم علي عبد الله صالح، وهي بمثابة امتداد للفعل الثوري المتمم لثورات الشعب اليمني المتتالية سبتمبر وأكتوبر، وانتصار لإهدافهما العظيمة ولما سيأتي بعدهما من أفعال وطنية على طريق التحرر من ثلاثية الجهل والفقر والمرض المرتبطة بمتلازمة الكهنوت والاستبداد والاستعمار.
 
انتفض الزعيم ومعه رفيقه الشهيد عارف الزوكا، وثلة من المناضلين في مختلف المناطق، بصولة فرسان لتصحيح المسار والدفاع عن مبادئ الجمهورية والديموقراطية والتعددية بوجه الطائفية المقيتة التي تريد باليمن الرجوع إلى دياجير الظلام والدجل والتبعية.
 
تحرك الزعيم، رغم كل عوامل الخطر التي كانت تحيط به والمؤامرات التي تحاك ضده، في محاولة أخيرة لمنع انزلاق اليمن نحو المجهول والحفاظ على منجزات الثورة السبتمبرية والوحدة والسلم الأجتماعي.
 
ربما هناك، ودون معرفة بخفايا كثير من الأمور وحقيقتها، من يوجه النقد للزعيم، مجاراة لحملات الكيد السياسي التي تتبناها الآلة الإعلامية للخصوم بأنه أسهم في إضفاء شيء من القبول على جماعة الحوثيين، رغم معرفته الجيدة بخلفيتها وتخلفهم الثقافي والنكوص عن مبادئ الجمهورية والديموقراطية؛ ولكن الحقيقة أن الرجل كان يعمل وفق ممكنات ووسط معطيات وظروف بالغة التعقيد والصعوبة، ولم يكن أمامه الكثير من الخيارات بعد أن تداخلت الخنادق واشتبكت المصالح بالمطامع وغدر الرفاق ونكوص البعض وكيد البعض الآخر وقيامهم بنصب المصائد للزعيم وحزبه ورفاقه…. الخ، ولا أريد أن أقول خيانة رفاق الأمس.
 
وسط هذه الظروف، اختار الراحل أن يناور قليلاً؛ لعل متغيرًا سيأتي، أو على الأقل تنجلي الصورة قليلاً ليذهب عنها بعض غبار الصراع الداخلي وتعدد الولاءات؛ لكن سفينة الوطن للأسف سارت عكس ما تشتهي رياح التمنيات.
 
أدرك الزعيم في الـ2 من ديسمبر أن الوقت بدأ ينفد، والوطن بات على كف عفريت، وأن أهداف الشعب وتضحياته ستضيع مع هذه المجاميع القادمة من شقوق التاريخ والرجعية الغارقة في فكر طائفي إقصائي. لذا فضل التحرك سريعاً، معرضاً حياته للخطر، مضحياً بدمه في اللحظات الأخيرة.
 
واجه الموت وحيداً، وقبله وعلى بعد خطوات من الموت وفي صورة غير مسبوقة للشجاعة ورباطة الجأش والاستعداد الكامل للدفاع عما آمن به وقدسه، وهو الوطن. ألقى على الجموع من الملايين وصاياه العشر التي أصبحت بمثابة دستور مقدس لدى الجميع، من أجل الخلاص من هذا الليل البهيم الذي خيم على البلاد كما لم يخيم عليها منذ عقود.
 
لذا فإن الانتفاضة قبس من نور ثورتي سبتمبر وأكتوبر الخالدتين، ولعل أجيالاً قادمة ستضع هذا الفعل البطولي في مصاف نضالات وكفاح الشعب اليمني من أجل كرامته ووحدته وأسس دولته الحديثة.
 
لقد خلق الزعيم والأمين، وهما في آخر لحظاتهما، مشهدًا ثورياً لا يزال يؤرق أجفان ومضاجع مليشيا الحوثي الإجرامية التي لا يهدأ لها بال، فهي تحاول أن تحشد الحشود وتسلط الإعلام وتقدم القرابين، لتنال من هذين الرجلين ومن انتفاضة الثاني من ديسمبر، لأنها تدرك تمام الإدراك أن الشرارة الأولى قد اندلعت ولن تخبو حتى تحقق المآلات والتطلعات التي ضحى من أجلها ثوار سبتمبر وأكتوبر ضد الإمامة المتخلفة.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية