آراء

المقياس الحقيقي للوطنية

محمد العلائي

|
02:10 2022/11/01
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

لا تعولوا على قادة يفسرون وجودهم في المناصب العليا التي يشغلونها بمنطق الحصص والاستحقاق المناطقي والجهوي وليس بمنطق الجدارة الوطنية والعملية ولا بمنطق الواجب والإنجاز.

هؤلاء أصغر من الوطن الكبير الذي يدعون تمثيله.

تفكيرهم محدود، واستعدادهم للتضحية ضعيف.

* * *

تشكلت حركة الأحرار اليمنيين في الشمال ضد حكم الإمام يحيى، لأن "وطنيته" كانت ذات بعد واحد، مستمدة بالدرجة الأولى من دوره في قيادة التمرد على العثمانيين في المرتفعات الشمالية، (رغم أن حروب التمرد تلك لم تكن السبب المباشر في جلاء العثمانيين بل هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى).

ومثلما كان طلائع الأحرار قد اعترفوا، في البداية، للإمام بهذا الدور، فقد وجدوا في انغلاقه وعزلته وتشدده في قمع دعوات الإصلاح والتحديث ومواكبة العصر- وجدوا فيها عناصر قوية لتأسيس اتجاه وطني منفتح على الداخل والخارج ضد وطنية السلطة الخانقة-.

من ذلك الاتجاه تسلسلت وقائع تاريخية وتحولات عميقة ضمن مسار تكويني وطني وصلت ذروته بإعلان الجمهورية في 26 سبتمبر 1962م.

ما نريد قوله هو أن السلطة -أي سلطة- إذا كانت تتصف بـ"الوطنية" في مسألة معينة، فهذا لا يعفيها أبداً من أن تكون "وطنية" في مسائل أخرى لا تقل أهمية.

* * *

في الوقت الحالي، مقياسي للوطنية النتائج الملموسة العظيمة لا كيفية تحقيقها.

أنت "وطني" ليس فقط بمقدار ما تحب لبلدك الخير، بل وبمقدار ما تساهم بالفكر وبالعمل في تحقيق هذا الخير.

وأنت "وطني" أيضاً بمقدار ما تدفع عن بلدك بالفكر والعمل من الأضرار والمتاعب والشرور.

من ينحو هذا المنحى، فهو وطني بلا جدال.

في المستقبل، من ينقذ الكيان اليمني سيكون هو الوطني، لا من يضطهد الناس باسم إنقاذه بينما هو لا ينفذ إلا نفسه.

من يساعد الناس على أن يكونوا وطنيين ضمن أفق عمومي يتميز باليسر والمرونة والاتساع، لا ذلك المتغطرس ضيّق الأفق الذي يدفعهم دفعاً إلى الخوف منه والكفر به وبوطنية ناقصة لا تجلب لهم سوى صنوف المتاعب والويلات.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية