مجربون كثيراً ويعلمون جيداً أن ميليشيا الحوثي لا يرعون عهداً ولا يوفون وعداً، منذ وجدوا وتأسسوا كجماعة خارجة عن القانون ومتخفية في كهوف وجبال مران القصية. ويدركون أكثر مما ندرك أن أي اتفاق أو هدنة أو نقاش معهم ليس أكثر من مضيعة للجهد والصبر والوقت.
يعرفون جيداً أن جماعة الحوثي لا تؤمن بشيء أكثر مما تؤمن بالقوة والسلاح سبيلاً لترسيخ منهجها الضال وتحقيق مشروعها الباغي، وأن منطقاً أو موقفاً كهذا لا طريقة للتعامل معه أجدى من تقليده ومماثلة أسلوبه، ومواجهته بالقوة، التي يريدها وبأبلغ منها، وكسر شوكته بهزيمته.
ثم لا ننسى ولن ننسى كيف انتزعت هذه الجماعة الانقلابية الغاصبة، السلطة وكل أجهزتها ومقدراتها وأسلحتها، وفرضت نفسها على اليمنيين عنوةً بالقوة، وفتحت فوهات نيرانها وأبواب معتقلاتها في وجه كل من يجرؤ على انتقادها أو التعارض معها أو حتى الإشارة إليها من قريب أو بعيد.
يعرفون ونعرف موقنين أن هذه الجماعة لن تتراجع في طريقها إلى الاستحكام المطلق على كل ما وصلت إليه وتحاول الوصول إليه من جغرافيا وسلطة ومقدرات وبشر، وأنها مثلما اتخذت من القوة وسيلة لتصل إلى ما وصلت إليه، ستستمر في ذات الأسلوب ولن تتوقف أو تتراجع إلا لو جوبهت ووجهت بذات الأسلوب، أسلوب القوة.
وعلينا نحن في المقابل أو في المنتصف من كل هذا أن ندرك أن ما تمتلكه سلطة الشرعية من مشروعية قانونية في الداخل والخارج، وما تمتلكه من سلاح، وما تستطيع تحقيقه والمراهنة عليه، وما تحظى به من حضور وتأييد لدى معظم أبناء الوطن، كل ذلك كفيل بتشكيل قوة مرعبة ومزعزعة لأمن وأمان الجماعة الحوثية..
وأن الإرادة الحقيقية لو وجدت وتم تقصيها بعدالة وصدق، لما استطاع الحوثيون احتمال المواجهة لأشهر إن لم يكن لأسابيع، والتجارب السوابق التي تؤكد ذلك كثيرة في الحديدة ونهم ومارب وشبوة والبيضاء، مجرد ما كانت الأوامر بفتح الطريق أمام قوات الدولة النظامية تنطلق، حتى تعلن الساعات عن عدها التنازلي، في معركة التنكيل بقوات وقدرات الميليشيا المنقلبة، ومطاردة بقاياها في المواقع والمدن والقفار..
يعرفون جيداً أن لا وسيلة غير القوة يمكن أن تختصر المسافات طويلة العناء التي يقاسيها اليمن واليمنيون اليوم، وأنه لا جدوى من أية وسيلة سياسية أو حوارية يمكن أن تفضي إلى طريق نجاة.. لا حل في مواجهة هذه العصابة أصلح وأجدى من القوة، والقدرات مممكنة بأبعد مما في التخيل، لو صلحت النوايا، وأعطي الوطن ما يستحقه من الولاء .