تعد هذه الدعوة تطورا نوعيا في معادلة الصراع في اليمن وللتوقيت دلالاته الإقليمية والدولية ، خاصة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتها على النظام الدولي الذي بدأت ملامح تعدد أقطابه تتضح من خلال تكليف الرئيس بوتين لوزير خارجيته برصد الدول التي مع روسيا والتي ضدها وكذلك من خلال تبعية سويسرا للقرار الغربي وهي دولة محايدة ، بما يؤكد أن تحديد المواقف اليوم سيترتب عليها تحالفات الغد .
هذه التطورات العالمية تعكس نفسها على الحرب في اليمن وتاثيرها على المنطقة بشكل عام ، لهذا السبب ارتأت دول مجلس التعاون الخليجي أن البيئة أصبحت مناسبة لإمكانية جلوس اليمنيين مجددا إلى طاولة واحدة لوضع أسس للحل قد تكون مغايرة إلى حد كبير عن مرجعيات مماثلة سابقة ابتدأت في جنيف ثم الكويت وبعدها السويد .
يبقى الأمر مرتبط بحرص اليمنيين في قبول هذه الدعوة أو رفضها وقبولها هو الشيء المنطقي الذي ينتظره الشعب اليمني ، خاصة وأن حصيلة الحرب مأساوية وكارثية ، فقد أصبح الشعب اليمني من أفقر الشعوب في العالم ، فضلا عن مئات الآلاف من القتلى والجرحى وملايين المشردين والمهجرين ودمار البنية التحتية بأكملها .
المبادرة الخليجية تمثل ما يمكن اعتباره بمثابة النداء الأخير لإنقاذ ما تبقى من اليمن السائرة حثيثا نحو الانهيار الكامل ليس على المستوى السياسي فحسب ، بل والمجتمعي أيضا ، ومازال الخطر يداهم مختلف مناحي الحياة ، فهذه الحرب دمرت مستقبل أجيال بكاملها وأصبحت الحياة في اليمن ضربا من الجحيم .
في اعتقادي هذه الدعوة تأتي من مسؤلية أخلاقية وإنسانية كبرى لتدارك الكارثة ومعالجة الأزمة الوجودية ، وهي تمثل بداية لمبادرة أوسع تضع حدا للمأساة اليمنية الممتدة كلفتها الرهيبة وفي اعتقادي أن إشراك مصر في هذا المؤتمر سيوفر له النجاح ، خاصة وأن جميع الأطراف اليمنية تثق بالدور المصري وتركن إليه .
ولكي تكون الدعوة جاذبة وفعالة ، أتمنى على المشرفين على الدعوة أن يحددوا أجندة المؤتمر ويضمنوها ملف إعادة الإعمار وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة بناء القدرات العسكرية والأمنية واستيعاب المليشيات المسلحة في جسم الدولة وفق ضوابط الدولة وقدراتها .