مع تكرار الاعتداءات الحوثية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على أهداف مدنية في دول الجوار اليمني.
عاد البحث في أروقة الكونجرس والإدارة الأمريكية حول إدراج مليشيات الحوثيين على قوائم الإرهاب.
كان الرئيس ترامب قد وضع المليشيا على قوائم الإرهاب ثم رفعها الرئيس بايدن في فبراير 2021 –أي بعد شهر من تولية الحكم – بدعوى الرغبة في "احتواء التنظيم " وفتح قنوات اتصال معه.
جاء رد فعل الرئيس بايدن بعد ثلاثة أيام من اعتداءات الحوثي الإرهابية على الإمارات. فصرح في 20 يناير 2022 أن إعادة وضع مليشيات الحوثي على قوائم الإرهاب هو "قيد البحث"، ويعكس هذا التصريح أن هناك عدة توجهات في داخل إدارته بخصوص هذا الموضوع.
فهناك توجه يؤيد ضرورة إعلان الحوثيين تنظيماً إرهابياً ويدعم وجهة نظره بأدلة كثيرة. أبرزها أن رفع التنظيم من قوائم الإرهاب لم يترتب عليه تغيير في سلوك الحوثي، واستمر في رفضه لكل المبادرات والاقتراحات لوقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات سياسية للوصول إلى حل سلمي للصراع. فقد رفض الحوثيون وعطلوا كل المبادرات من الأمم المتحدة وأمريكا، بما في ذلك اتفاق ستوكهولم عام 2018، ومبادرة الرياض 2021.
ثُم أن هُناك محاولات الحوثيين لتعطيل الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وتهديد السفن التجارية، مما يمثل انتهاكاً لقواعد السلامة البحرية والأمن التجاري البحري.
ومن هذه الحجج أيضاً، الاعتداء الحوثي على مبنى السفارة الأمريكية بصنعاء في نوفمبر الماضي واقتحامه، ونهب محتوياته واحتجاز عدد من العاملين اليمنيين الذين ظلوا يترددون عليه منذ تجميد السفارة لأنشطتها عام 2015.
ومنها، أن تنظيم الحوثي هو أحد أذرع إيران في المنطقة وأداة لتنفيذ سياستها، وأن الاعتداءات على السعودية والإمارات لا يقتصر أثرها على زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة، بل تهدف أيضاً إلى الضغط على واشنطن والتأثير على مواقفها في مباحثات فيينا بشأن النووي الإيراني
وأخيراً وليس آخراً، أن الأهداف التي تم الاعتداء عليها مدنية قريبة من المناطق المأهولة بالسكان، مما يُدخلُ الاعتداء عليها ضمن الأعمال الإرهابية. ويزيد من خطورة هذا الأمر، أن مليشيا الحوثي قد تتوسع في الاعتداء على هذه الأهداف في ضوء هزائمها الميدانية القاسية في مأرب وشبوة.
وهناك التوجه الذي دفع الرئيس بايدن أصلا لرفع الحوثي من قوائم الإرهاب، والذي يرى أن إدراج مليشيات الحوثي على هذه القوائم يحول من قدرة أمريكا على التأثير في سلوكها. ذلك أنه يترتب عليه وقف أي اتصالات دبلوماسية علنية بين الطرفين، وفرض عقوبات اقتصادية عليها.
وتزداد جسامة هذه الآثار عندما نأخذ في الحسبان أنه عندما تقدم أمريكا على مثل هذا الإجراء، فإن هناك عدد من الدول الأخرى التي تحذو حذوها وتتخذ قرارات مماثلة.
والرد الحاسم على حجج هذا التوجه الثاني تأتي من الخبرة العملية ومن واقع ما حدث خلال العام المُنصرم، منذ رفع اسم مليشيات الحوثي من قوائم الإرهاب الأمريكية. فلم يترتب في الواقع على هذا الإجراء أي مرونة أو تغير في مواقف الحوثيين، واستمروا في رفضهم لبدء عملية سياسية سلمية، ويظل متحدثوها يعتبرون أمريكا عدو أصيل لهم.
ولا يوجد في تصريحات ممثلي الحوثي ما يشير إلى انشغالهم باحتمال إدراج الحركة على قوائم الإرهاب الأمريكية، ولا عن اهتمامهم بالإدانة العالمية للاعتداء الأخير على الإمارات والذي شمل صدور بيان من مجلس الأمن بإجماع أعضائه في 21 يناير الماضي "نددوا فيه بأشد العبارات بالاعتداءات الإرهابية الشنيعة" على دولة الإمارات.
وصدرت إدانات مماثلة من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية، وكل من روسيا والصين.
فكم من الوقت تحتاجه إدارة بايدن لاتخاذ قرارها؟