في البدء لابد من اثبات حقيقة مؤلمة على مستوى الأحداث الوطنية، تلك الحقيقة أن المشروع الامامي تسلل من شقوق كثيرة داخل جسم الجمهورية، من أهمها غياب الفهم التاريخي لكارثة الإمامة وغياب القراءة الواعية لصراع اليمنيين الممتد مع هذا المشروع على مدى أكثر من 1200 عام.
الفكر الإمامي بطبيعته الإجرامية وملامحه العنصرية، وخرافاته المرتبطة بدعاوى الأفضلية، فكر غير قابل للحياة الا في بيئة الصراع، وهو بذلك متصادم مع المجتمع وثقافته، ومحارب لأي فكر مقاوم، عرف في كل تاريخه، ضدا للتعليم والمتعلمين، ومناوئ للإبداع، ويرى في أي حركة علمية او إبداعية تهديدا لوجوده، مادامت ستفتح العقول والقلوب لفهم حقيقته، او إدراك خطره على الثقافة والمجتمع.
لقد مثل الصراع اليمني مع المشروع الامامي، صراعا مستمرا بين دولة الفكرة التي مثلها فكر الغازي الرسي، وبين فكرة الدولة التي ناضل من اجلها اليمنيون، فحققت الدول الوطنية اليمنية، امثلة ناصعة على قدرة اليمني في إقامة حكم يلبي اهداف الدولة ووظيفتها، ويحقق للشعب آماله في بيئة طبيعية ومستقرة، تتجه للبناء والرفاه والابداع، في المقابل تميزت الدويلات الامامية السلالية، بالصراع المستمر، والهمجية، والتحريش بين القبائل، وصرف الناس الى الاقتتال، في محاولة جادة على صرف المجتمع عن مواجهتها.
وتبرز هنا حقيقة أخرى، ان المشروع الامامي وان استمر على مدى أكثر من ألف ومائتي عام لم يستطع ان يحكم كل اليمن، ولم يدم حكمه في فترات متفرقة أكثر من مائة وخمسين عاما، لكنه استخدم نفس الشقوق التي استخدمها الاماميون الجدد للعودة للمشهد.
التجريف الامامي كان ومازال السمة الأبرز لمعاداة السلالة لفكرة القومية اليمنية، ومحاربة من ينتصر لها، قديما وحديثا، وذلك يفسر المواجهات المحتدمة بين الامامة ورموز القومية اليمنية، بدءً بنشوان الحميري وأبو الحسن الهمداني وليس انتهاءً بالفقيه سعيد ورواد الثورة اليمنية الحديثة.
واختصارا: فان محاولات الامامة السلالية طمس التاريخ اليمني وتجريف الهوية اليمنية، هو تصرف الغازي الاخرق، الذي يرى ان عدوه الأكبر اعتزاز اليمني بهويته، وانفتاحه على العالم، وان انتصار اليمني لهويته هو تهديد وجود للغازي المحتل، ونهاية لأحلامه، وهو ما يقلق اليوم الاماميون الجدد، الذين يرون في صحوة الهوية الوطنية، وتنامي الحس القومي اليمني، بداية النهاية لجرائمهم، ومعركة أخيرة يخوضها اليمنيون لاقتلاع فكر العنصرية والارهاب الامامي