خمس سنوات عجاف مضت.. خمس سنوات وهمج الحوثة يعيثون في الأرض الفساد.. خمس سنوات من نزيف الدماء واهلاك للحرث والنسل ونهب المرتبات والايرادات والحقوق الخاصة.. خمس سنوات من قتل الأبرياء وتفجير المساجد ومدارس تحفيظ القرآن والمنازل.. خمس سنوات من الإرهاب والاعتقالات والاختطافات والاقصاءات وتكميم الافواه والممارسات العنصرية السلالية القبيحة.. خمس سنوات من التصفيات للخصوم السياسيين وأصحاب الفكر.. ومن الجوع والفقر والامراض و..و..الخ.
هذه هي بعض كوارث النكبة الفضيعة التي تعرض لها الشعب اليمني يوم 21 سبتمبر عام 2014م.. عندما اجتاحت ميليشيات الحوثي العاصمة صنعاء واستولت على مؤسسات الدولة.
بسبب هيكلة الجيش والامن والتي جرت بشكل كامل خلال عام 2012م، وتم تغيير كل القيادات التي كانت على رأس هاتين المؤسستين الوطنيتين بدعوى (الجيش العائلي).
كان لابد من الإشارة لهذه الحقيقة ليس لنغر الجروح ولكن لتوضيح الحقائق التي يحاول البعض التنصل منها وعدم الاعتراف بفشله وتحمله المسؤولية باتهام المؤتمر زوراً وباطلاً بالمشاركة في انقلاب 21 سبتمبر، برغم ان الحوثة ظلوا يحكموا البلاد منفردين حتى دخل المؤتمر في اتفاق شراكة مع الحوثة وليس تحالف في يوليو 2016م.
اليوم المطلوب من المكونات السياسية المدافعة عن الجمهورية الاتعاظ من اخطاء الماضي وأن لا يتم نقل خلافات حوارات اتفاق السلم والشراكة الى داخل صفوف الشرعية، وضرورة اجراء إصلاحات داخل الشرعية، لان الإصرار على اقصاء المؤتمر بدعوى التخلص من عناصر النظام السابق ، جلبت الحوثة الذين اقصوا بوحشية الجميع الإصلاح والاشتراكي والناصريين وغيرهم، ولم يكتفوا بذلك، بل احرقوا البلاد بحروبهم العبثية، وتركوا الإيرانيين يمارسون الانتقام ويصفون الجيش اليمني بوحشية وكل ذلك ليحكموا قبضتهم على البلاد، لانه لم تعد هناك قوات شرعية قادرة على مواجهتهم.
وما يجب ان يدركه الجميع هو انه لايمكن ان يتخلص الشعب اليمني من نكبة 21 سبتمبر إلا بإصلاح الشرعية واستيعاب جميع القوى وتوحيدها لخوض هذه المعركة الوطنية ، فالمرحلة مرحلة نضال لاستعادة الجمهورية ومؤسسات الدولة المختطفة وليست مرحلة تقاسم المناصب والإقصاءات وتوجيه اتهامات الخيانة والتامر لبعضنا البعض ونحن في مترس واحد.
ان عوامل النصر على الكهنة متوفرة، داخليا وخارجيا.. يكفي ان العالم يرفض الاعتراف بسلطة الحوثة رغم مرور هذه السنوات، كما لم يستطيعوا ان يجدوا لهم حاضنة شعبية.. إضافة الى ذلك ان كل المكونات تقف ضدهم، اذا المشكلة تكمن في الشرعية التي لم تستغل الدعم والمساندة الخارجية لها وخصوصا من دول التحالف لحسم المعركة ضد الانقلابيين، لان هناك من يغلبون المصلحة الحزبية على المصلحة الوطنية.
ان النضال الوطني ضد المليشيات الحوثية مسؤولية وطنية ودينية يتحملها كل اليمنيين وليس حكرا على الشرعية، ولهذا فان تصنيف البنادق الموجهة ضد الحوثي تصنيفاً حزبياً مصلحيا لا يخدم الوطن ولا الشرعية على الاطلاق.. فما بالنا عندما توجه تهمة الخيانة والملشنة على من يقفون في الخطوط الأمامية مواجهين لمليشيات الحوثي.
ان نكبة 21 سبتمبر تطحن اليمن ودول المنطقة للعام الخامس ليس لأن الحوثة يمتلكون وسائل القوة، ولكن بسبب ضعف أدوات المواجهة، لهذا فاصلاح الشرعية ضرورة وطنية تتطلبها طبيعة المعركة والمرحلة ولوقف تدحرج هذه الكارثة قبل ان تحرق الأخضر واليابس في البلاد.
أولم تكفي بعد المآسي التي حلت ببلادنا وشعبنا لأن يدرك الجميع ان الممارسات الاقصائية اسقطت بالأمس العاصمة صنعاء بيد عصابة الحوثي.. ونفس هذه الممارسات اليوم هي السبب وراء عدم حسم المعركة ضد المليشيات.
المتغيرات متسارعة في الداخل والخارج ولابد ان يقتنع الجميع ان الأولوية الآن هي لمعركة استعادة العاصمة صنعاء وبعدها لكل حادث حديث.