رأيت بالأمس مشهد امرأة مظلومة تتحدث عن هلاك من ظلمها وآذاها، ووقفت حائراً لما جمعت في تعابيرها بين الفرحة والألم.. واختلطت في عيونها دموع الفرحة والحزن.. وتهدج صوتها بنبرة القهر والنصر!!!
فيا لله .. كيف تتحول مرارات المظلومين إلى حلاوة وبهجة، وتنقلب أيامهم السوداء إلى أيام بيضاء، وساعات الألم والقهر والحزن إلى ساعات قوة ونصر وأعياد.. حتى دموع القهر التي سالت من عيونهم تحولت دموع فرح وسرور، فالشكر لله العظيم القدير الذي شفى قلوبهم وأراهم مصارع ظلامهم.
وما أعجب ما نراه من هلاك المعتدين، ومصارع الظالمين، ونهايات المتجبرين، فكم من جبار قصمه الله، وكم من متكبر أذله الله، وكم من مغتر بقوته وسطوته أوتي من مأمنه، وانتكس ممن خدمه وعينه، وجنت عليه قوته وسطوته، وأخذه الله أخذ عزيز مقتدر.
سنة الله في الظالمين، فالظالم مهما استطال في ظلمه، لابد له من يوم، فآهات المستضعفين ودعوات المظلومين، ليس بينها وبين الله حجاب، تشق عنان السماء والظالمون بها مستهزئون، وعنها غافلون، فيكون جوابها (وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ).
إنها العاقبة المخزية ، والنهاية المذلة، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى، وليس هذا إلا فاتحة العدل، وأما ما ينتظر الظالم من عذاب منذ أن تنتزع روحه من أضلاعه، ويدفن جسده في حفرة قبره، ثم الخزي والشقاء يوم الدين، حين يعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون.
فانظر إلى عاقبة الظلم في نفسك قبل أن تنظرها في الآخرين، وخذ العبرة من نفسك لنفسك، ثم اعقد العزم على ألا تظلم قيد شبر أو ذراع، ولو بكلمة مؤذية، وتأسف وتب، ولا تستهن بظلم الآخرين مهما كان، وخصوصاً الأهل والأقربين، فعاقبة الظلم وخيمة، ونهايته أليمه.