عند الحديث عن إخوان اليمن أو حزب الإصلاح الإخواني في سياق ما يعيشه اليمن من استمرارية في أعماله الإرهابية بحق الشعب اليمني، نجد أن حزب الإصلاح الإخواني يعد جزءا من الأزمة التي يعيشها اليمن بسبب الانقلاب الحوثي؛ لأن الترتيبات التي تمت في السابق ما بين الجماعة الحوثية والإخوانية مهدت الطريق للحوثيين للتمدد خارج مسقط رأسهم "صعدة"، والاستيلاء على العاصمة صنعاء والانقلاب على الشرعية، فهذه الترتيبات جعلت الحوثي لا يواجه أي مقاومة، ومن ثم يصبح الطريق أمامه سالكا للاستيلاء على العاصمة اليمنية صنعاء.
عند العودة إلى هذه الترتيبات التي تمت في 2014 نجدها تضمنت "اتفاق هدنة"، وهو الأهم بين التفاهمات والحوارات التي تمت بين الإخوان والحوثيين في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 قبيل استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء؛ حيث اتخذ حزب الإصلاح اليمني حينها خطوة فاجأت البعض، حيث قام وفد رفيع المستوى من الحزب بلقاء عبدالملك الحوثي من أجل طي صفحة الماضي وإعادة بناء الدولة اليمنية من جديد وإجراء محادثات سرية، فسرها البعض بأنها لعبة سياسية جديدة لحزب الإصلاح لتحقيق مصالحه، ومن ثم تمخضت عن هذه التفاهمات السرية بين الإخوان والحوثيين أوامر إخوانية غامضة من قيادات حزب الإصلاح تأمر بعدم مواجهة الحوثيين أو قتالهم، وهو ما يفسر أن هذه التفاهمات السرية خلقت جوا من الهدوء وفرت للحوثي فرصة للاستمرار في طريق الاستيلاء على صنعاء.
ربما كان إخوان اليمن يطمحون لأنْ يكون لهم دور في مستقبل الدولة اليمنية تحت سيطرة الجماعة الحوثية، خاصة في ظل السقوط المدوي الذي تعيشه الجماعة في مصر وانحسار فرصتها في سوريا، وبعد أن أصبحت مرفوضة شعبياً ما بعد ثورة الـ30 من يونيو، ولكن انطلاق "عاصفة الحزم" أربكت حسابات حزب الإصلاح الإخواني.
لكن التأييد من قبل حزب الإصلاح لا يعني أن هناك تغييرا جذريا في طريقة تعامل تنظيم الإخوان المسلمين تجاه الجماعة الحوثية، بل هو أقرب لما يمكن تسميته الانحناء للعاصفة، ربما ما يفسر ذلك طريقة تعامل الإخوان مع الجبهات على الأرض في مواجهة الحوثي، في الوقت الذي بدت فيه الجبهات التي يتصدرها الإخوان أقل الجبهات حماسة في مواجهة الحوثي، وتشهد حالة مستمرة من الركود، وربما تعز دليل على ذلك، وهي التي تعد بؤرة الفكر الإخواني في اليمن، إلا أنها لا تزال تعاني من الحصار الحوثي، في حين أن شغل الجماعة الإخوانية التي سعت لتأسيس مليشيات تابعة لها باسم "مليشيات الحشد الشعبي الإخواني" منشغلة في بسط سيطرتها داخل تعز والسعي لتنفيذ مخططها الرامي إلى أخونتها والتنكيل بالشعب اليمني، في هذه المحافظة التي تعيش تحت حصار الحوثي.
وأيضا على الرغم من الوجود الإخواني في المحافظات الشمالية، والتي من المتعارف عليه أن الجماعة الإخوانية تنشط في هذه المحافظات وتوجد فيها بقوة، نجد أن هذه الجبهات تشهد ركودا في مسألة المواجهة مع الانقلاب الحوثي، وهو ربما ما يطرح سؤالا عن هذا الركود المريب، هل ذلك يفسر أن حزب الإصلاح لا يزال ملتزما باتفاق الهدنة الذي وقعه في عام 2014 مع الجماعة الحوثية، في الوقت الذي يقابل هذا الركود المريب تصعيد إخواني ضد المحافظات الجنوبية وإصدار الفتاوى التكفيرية؟
وعند النظر إلى طريقة تعاطي الجماعة الإخوانية مع أحداث عدن نجدها تكشف عن حماسة شديدة وقدرة على الحشد والتصعيد، وهي خطوات غائبة عن طريقة التعاطي مع الانقلاب الحوثي، وهو ما يطرح سؤالا في غاية الأهمية؛ هل الأولوية لدى الإخوان في اليمن مواجهة الحوثي أو الانشغال بتصعيد الأزمة في عدن؟
تأتي أحداث عدن والمحافظات الجنوبية الأخيرة لتكشف أن طريقة تعاطي الجماعة الإخوانية مع أحداث عدن بوتيرة متصاعدة وحماسة عالية غير موجودة في طريقة تعاطيها مع الانقلاب الحوثي، من التعبئة وقدرة على التصعيد والحشد باتجاه المحافظات الجنوبية، وإصدار الفتاوى التكفيرية لتؤكد أنها لم تحدث أي تغيير جذري في طريقة تعاطيها مع الانقلاب الحوثي، بل ما زالت البوصلة الإخوانية تعاني من استمرارية التأرجح وفقدان الاتجاه الصحيح، وهي أكثر إصرارا على الذهاب لفتح جبهات جديدة، بينما هذا الإصرار يكاد يكون مفقودا إذا ما تم الحديث عن جبهة المواجهة والتصدي للانقلاب الحوثي.
لم يخدم حزب الإصلاح بفتاويه التكفيرية التي أصدرها باتجاه الجنوبيين مسألة التهدئة في عدن، وإنما قام بخدمة المليشيا الحوثية التي ترى من مصلحتها التصعيد والبقاء في حالة التأزم المستمرة، ومن ثم ذهاب الإخوان لإصدار الفتاوى التكفيرية هي خطوة تهدف لإغلاق أبواب الحوار بين كافة الأطراف اليمنية المختلفة في عدن، حتى يستمر التأزم الحاصل في الموقف؛ لأن الحوار هو السبيل للابتعاد عن حالة تأزم الموقف، ومن ثم مسألة التصعيد والتصعيد المضاد والتعبئة والتعبئة المضادة لا تخدم مصلحة اليمن ولا مصلحة الشعب اليمني بقدر ما تقود إلى سكب الزيت على نار الأزمة، ومن ثم إبقاء الموقف بين كافة الأطراف اليمنية في حالة تأزم مستمرة.