ما الذي يجري بين أطراف الشرعية والتحالف؟ سؤال يشغل بال اليمنيين شمالا وجنوبا، وتتناقله الألسن حيثما اتجهت، سيما بعد تصاعد الجدل حول الصراعات جنوباً، والاتهامات بالخذلان وإطالة أمد الحرب، وما جَدَّ من انكسارات في المعركة مع الحوثة، وظهور أجندات وأوراق مختلطة عطلت طريق الخلاص، فهل التحالف خذل شرعيته؟ أم خذلت تحالفها؟
المعطيات المتوفرة حتى الآن تؤكد عجزاً فاضحا في إدارة الصراع والإمساك بخيوطه المتشابكة تتحمل الشرعية وزره الأكبر، بدءاً من ادائها السيئ في معركة الحوثة وسنوات المراوحة، ورهانها الخاسر على قيادات لم يكن معظمها بمستوى المرحلة، وأطراف متمصلحة لم تكن بحجم المسئولية، وعجزها عن تحرير اية محافظة بيد المليشيات، بل وخسارتها لمناطق كانت بيدها لأعوام وتساقطت خلال اقل من عام، كأرحب ونهم والجوف وصرواح ومجزر وقانية مقابل جمودٍ مريب في جبهات كانت قد شهدت تقدما، كصعدة وحجة والمناطق الحدودية.. مروراً بخذلانها لانتفاضاتِ مناطقَ هامة، كذمار وحجور والعود وجُبَن ومُريس، وأخيرا ردمان، والأهم انتفاضة ديسمبر2017، وصولا الى اتفاقٍ قاصم قطع على الحديدة طريق الخلاص، ماأدى لتراجع جذوة الانتفاضات خشيةَ الخذلان، بسبب تعاملها مع اطراف رئيسية بحسابات ثأرية رغم وحدة المعركة، وليس انتهاءً بفشل حكوماتها في إدارة الملف الخدمي والاقتصادي والامني، ماأدى لتردي الكهرباء، وانهيار القطاع الصحي، وانتشار الاوبئة، واختلالات أمنية، وكذا إقحامها للورقة الاقتصادية في الصراع، وتشبث أحد الاطراف بمناطق الثروات، وإفشال البنك المركزي، وعدم ربطه بموارد مأرب، وطباعة عملة جديدة بلا غطاء، وما أنتجه كل ذلك من انهيار كارثي للعملة، وجحيم اسعار، وانقطاع مرتبات ملايين الموظفين ولقمة عيشهم.
من جهته قدم لها التحالف ما يلزم، مالا وسلاحا واغاثة، عَلّها تنجز شيئا، غير أن ثقته لم تكن في مكانها، بسبب سوء التعيينات، والادارة من الخارج، وحسابات المصالح والأطماع الذاتية والتشبث بالسلطة، بل وإصرار البعض على اللعب بالبيضة والحجر على التحالف، ودخول أجندة قطرية تركية على الخط، ليتضح ان ثمة اهدافاً جوهرية خرجت عن مسارها، ومعركةً مصيرية انحرف قطارُها، لينزلق الى متاهات أضاعت طريقها، وخلقت كل هذه الفوضى!
وحدها الدماء الزكية تنزف في الجبهات أملاً في الخلاص والخروج من النفق، دون ان يلتفتوا لما يحدث من إدارة متخبطة وتخطيط سيء وتهافت على السلطة، وفساد ينخر في عظم الشرعية، حتى كثر شاكوها وقل ذاكروها، ولم يعد لديها ما تبرره سوى اتهام الآخرين، وصراخ بعضها عبر الشاشات ووسائل التواصل، بدلا من الوقوف مع نفسها والاعتراف بأخطائها، وإفساح الطريق لإجماعٍ وطني ودم جديد يخرجها من مآزقها، ويقود البلد الى بر الأمان!