لم يكن العام 2019 أفضل حالاً من سابقيه من سنوات الحرب الخمس التي تسببت مليشيات الحوثي في إشعال فتيلها مطلع العام 2015 حيت شهد الاقتصاد اليمني تدهورا كبيراً
التقارير الاقتصادية ذكرت بأن الناتج المحلي انخفض خلال العام 2019 إلى أقل من 13 مليار دولار مع ارتفاع معدلات التضخم وانكماش مصارد الدخل بل انعدامها بشكل أكبر ما أدى إلى انزلاق الأغلبية من المواطنين تحت خط الفقر الذي وصلت معدلاته إلى نحو 90 % وانعدام الأمن الغذائي لنحو 60 % من إجمالي السكان والوصول إلى حافة المجاعة حتى صنف اليمن بالأسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم وفقاً لتصنيف الأمم المتحدة التي أشارت تقديراتها إلى أن نحو 15 مليون يمني بحاجة ماسة إلى المساعات الإنسانية لإبقائهم على قيد الحياة .
واتسمت الآفاق الاقتصادية في عام 2019 بالغموض نتيجة استمرار الحرب وعدم وجود أي بوادر لوقفها في ظل استنفاد شبه تام للوديعة السعودية البالغة ملياري دولار بعد 30 عملية مصارفة قام بها البنك المركزي في عدن والتي أسهمت بحسب تصريحات الحكومة في استقرار أسعار الصرف بشكل مقبول ووفرت الغطاء من العملة الصعبة في البلاد .
ولكن وبحسب خبراء اقتصاديين فإن الوديعة رغم مساهمتها في توفير السلع الغذائية بأسعار منافسة غير أن أغلبها تم استنفادها في صرف مرتبات الموظفين الحكوميين في مناطق السيطرة الحكومية فضلاً عن استغلال تجار ورجال أعمال للحصول على الدولار بفوارق صرف عالية والتي بلغت أكثر من 15 مليار ريال ما دفع الغرفة التجارية والصناعية في عدن إلى دعوة الحكومة بضرورة الإسراع في تجديد الوديعة لتفادي خطر انهيار جديد للعملة والاقتصاد خلال الفترة القليلة المقبلة إذا لم توجد البدائل لتوفير العملة الصعبة لاستيراد السلع الغذائية والاستهلاكية والتحكم في إدارة السوق النقدية ومعالجة أزمة السيولة الحادة للقطاع المصرفي والعجز في الموازنة العامة للدولة .
ورغم المحاولات الحكومية لاستعادة التعافي الاقتصادي بإعادة تصدير النفط إلى الخارج بمعدل نحو 50 ألف برميل يومياً إلا أنها لم تكن كافية ولو حتى بنسبة بسيطة لخلق الاستقرار الاقتصادي .
وبدأ العام 2019 بتحسن للريال اليمني مقارنة بما كانت عليه في العام الذي سبقه غير أنه ما لبث أن ظل متأرجاً بين المد والجزر ليتجاوز سعره مقابل الدولار سقف الـ 600 ريال فيما ظل شبه متقارب أمام الريال السعودي عند حاحز الـ 160 ريال .
وتركت مليشيات الحوثي معظم موظفي الدولة والمتقاعدين في مناطق سيطرتها بلا رواتب منذ أكثر نحو ثلاث سنوات باستثناء صرف نصف راتب كل ثلاثة أشهر أو نصف عام رغم استئثارها بموارد ميناء الحديدة والجهات الحكومية الإيرادية وفرضها لرسوم الضرائب والجمارك الخيالية والإتاوات والجبايات على كل مصادر الدخل .
ولم تكتف المليشيات بتلك الإجراءات والتصرفات غير القانونية بل وصلت إلى حد تعزيز الانقسام النقدي بعد إصدارها لقرار مجحف تمثل بمنع حيازة وتداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية ومصادرتها وتجريم من يتعامل بها ليس محاولة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي بحسب مزاعمها بل انتقاماً من الطرف المناؤي لها والشعب اليمني عامة خصوصاً وأنها تتاجر بالطبعة الجديدة عبر وسطاء في المناطق الخارجة عن سيطرتها دون إحساسها بالأضرار البالغة التي يتجرعها المواطنون بعد استنفاد ما بأيدهم من عملة قديمة وعدم قدرتهم على الحصول على الغذاء والخدمات التي هم بحاجة ماسة لها .