تستضيف العاصمة المؤقتة عدن اليوم (26 نوفمبر) المؤتمر الوطني الأول للطاقة، الذي تنظمه وزارة الكهرباء والطاقة، تحت شعار "نحو يمن متعافٍ بطاقة مستدامة".
وقال مصدر حكومي إن انعقاد المؤتمر يأتي ضمن توجه رئاسة الحكومة ووزارة الكهرباء والطاقة لتنفيذ إصلاحات وحلول جذرية كمسار استراتيجي نحو الطاقة المتجددة في اليمن، واستجابة ملحة لحاجة اليمن إلى إصلاحات هيكلية في قطاع الطاقة، لافتًا إلى أن المؤتمر يتزامن مع مرور 100 عام على تأسيس أول محطة كهرباء بعدن في منطقة حجيف.
وأوضح المصدر الذي تحدث لـ "اليمن اليوم" أن المؤتمر "يسعى إلى الاستفادة من الخبرات الإقليمية والدولية، وهو أول منصة وطنية تجمع صناع القرار وشركاء التنمية، للإعلان عن حزم التمويل والمشاريع ضمن خطة الحكومة.. ويهتم المؤتمر بوضع إطار شامل للشراكة بين القطاعين العام والخاص".
وعلى مدار يومين تعقد ورش عمل تضم مسؤولي الحكومة وشركاء التنمية والقطاع الخاص والمنظمات والجامعات والمبتكرين.
وأكد المصدر أن مؤتمر الطاقة "يسعى إلى إيجاد الحلول لا إلى مناقشة المشكلة، فالطاقة المتجددة هي الطريق الآمن لإنقاذ عدن واليمن".
ويواجه قطاع الكهرباء في اليمن، وخصوصًا في مدينة عدن، تحديات هيكلية ممتدة منذ عقود، تفاقمت بفعل الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة.
وقبل تفاقم الصراع واندلاع الحرب في 2015، كانت شبكة كهرباء عدن ترتبط بالمنظومة الكهربائية الوطنية الموحدة، وتتزود بالطاقة منها جزئيًا إلى جانب محطات التوليد المحلية. غير أن الحرب أدت إلى خروج عدن من هذه المنظومة، ولم تعد محطاتها قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. وتعتمد هذه المحطات بشكل رئيسي على الوقود الأحفوري، لا سيما الديزل، ما جعل المنظومة عرضة لتقلبات أسعار الوقود ومشاكل الإمداد.
وتفتقر معظم المناطق في اليمن إلى الطاقة المستدامة، حيث يمتد انقطاع الكهرباء لأكثر من 12 ساعة يوميًا.
ويفاقم انقطاع الكهرباء لساعات طويلة في محافظات عدة معاناة ملايين اليمنيين، كما يضر كثيرًا بتقديم الخدمات والأعمال الخاصة. ويلجأ كثير من اليمنيين وخاصةً منذ اندلاع الحرب إلى الاعتماد على المحطات الخاصة "المولدات" أو الطاقة الشمسية لتوفير احتياجاتهم من الكهرباء.
ويعد اليمن الآن واحدًا من أكثر بلدان العالم فقرًا ومعاناة من انعدام أمن الطاقة، حيث يفتقر معظم البلد إلى الطاقة المستدامة. وبشكل عام كانت إمدادات الطاقة في اليمن محدودة وتتسم بضعف قدرات التوليد، وارتفاع فقد الكهرباء من الشبكة.
وبلغ إجمالي قدرة التوليد لشبكة الكهرباء اليمنية قبل عام 2011 حوالي 1223 جيجا واط. وتعتمد معظم إمدادات الطاقة الكهربائية في اليمن على الوقود الأحفوري، بما في ذلك المازوت والديزل وغاز البترول المسال. ومن ناحية أخرى قدرت حصة الطاقة المتجددة آنذاك (قبل عام 2011) بنحو 0.009% من إجمالي مزيج الطاقة.
وكشف تقرير حديث أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن أكثر من 85% من مرافق الكهرباء في اليمن معطلة تمامًا، مرجعًا ذلك في المقام الأول إلى نقص الوقود، وهو ما أدى إلى انخفاض كبير في إمدادات التيار الكهربائي.
وأكدت "استراتيجية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمشاركة القطاع الخاص في اليمن، 2024- 2026" أن قطاع الكهرباء يتحمل العبء الأكبر، إذ أن 14% فقط من المرافق تعمل بشكل جزئي، على الرغم من الحد الأدنى من الأضرار المادية.
وأظهرت الوثيقة الاحتياج الكبير لقطاع الطاقة، حيث تتراوح التقديرات بين ملياري دولار و2.5 مليار دولار (16% من إجمالي الاحتياجات القطاعية)، من أجل الوقود في المقام الأول لمعالجة الفجوات في تقديم الخدمات.
وأطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن في العاصمة الأردنية عمّان، استراتيجيتين جديدتين لتوجيه مشاركة القطاع الخاص، والاستثمار في الطاقة المتجددة في اليمن.
وأفادت "خطة الاستثمار في الطاقة المتجددة المختلطة في اليمن" بأن تقييم الأضرار والاحتياجات الذي أجري أخيرًا أشار إلى أن الصراع الدائر قد أثر تأثيرًا كبيرًا في البنية التحتية للكهرباء، وقطع إمدادات الكهرباء عن معظم السكان في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء.
وأدى ذلك إلى انخفاض كبير في قدرات توليد الكهرباء وتفاقم نقص إمدادات وخدمات الكهرباء إلى مستويات غير مسبوقة، وهو ما تسبب في آثار شديدة على الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي والقطاع الخاص، الذي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على إمدادات الكهرباء العامة.
وأشارت الخطة إلى أن إمكانية الوصول إلى شبكات الكهرباء المركزية كادت أن تنهار في عدة محافظات. وتوقفت إمدادات الكهرباء من خلال الشبكة العامة بشكل كامل لعدة سنوات في صنعاء وكثير من المحافظات الأخرى.
وقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، بالتعاون مع "فرناس شومان" للاستشارات، بوضع خطة للاستثمار في الطاقة المتجددة بأنواعها بهدف زيادة الدعم لتوليد الطاقة النظيفة في اليمن.
وتحدد الخطة إمكانيات زيادة نسبة الطاقة المتجددة إلى أقصى حد في المزيج العام للطاقة الذي يتيح فرصًا لدمج الطاقة المستدامة في خطط الإنعاش والتعمير مع ضمان إعادة البناء بشكل أفضل.