آراء

عدن التي أبهرت الخليج

د. خالد عبد الكريم

|
قبل 3 ساعة و 30 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

خمسة عشر عاماً مضت على افتتاح “خليجي 20” في عدن (22 نوفمبر 2010)، الأيام التي أبهرت فيها المدينة شاشات الخليج، وأثبت خلالها إعلاميو قناة عدن حرفيتهم وقدرتهم على إنجاز تغطية إقليمية بهذا الحجم.

جاء التكليف عبر اتصال هاتفي قصير لكنه حاسم:

" قناة عدن الفضائية أُعتمدت رسمياً لنقل الفعالية من بين بقية القنوات اليمنية. ماذا أعددتم؟"

لم يتبقى سوى شهر واحد. كانت المهمة هي إظهار عدن كما تستحق، مدينة قادرة على الإستضافة بملاعبها وفنادقها وشوارعها وناسها.

كانت البداية بإنتاج فيلم وثائقي قصير عن جاهزية عدن. أُسند الإخراج لمحمد هادي، والإعداد لعلي فضل علي. وأُرسل العمل إلى اللجنة المختصة في مجلس التعاون الخليجي التي لم تُخفِ في السابق قلقها بشأن قدرة عدن على تنظيم الحدث.

لم يكن “خليجي 20” بطولة رياضية فحسب، بل اختباراً سياسياً وأمنياً وإعلامياً وثقافياً وحضارياً.

وقد كان الوثائقي كافياً لإقناع اللجنة، فجاءت الموافقة النهائية.

وكان نجاح الوثائقي ثمرة للخبرات التراكمية لدى كفاءات الإدارة العامة للأخبار، التي بادرت منذ وقت مبكر إلى توثيق مراحل إنشاء الملاعب الجديدة حتى إكتمال جاهزيتها، والأمر نفسه طال الفنادق والمنتجعات والمرافق الخدمية.

شاركت أربع من أبرز مذيعات القناة خلود الخيطة، روى عصمت، إيمان محمد علي، والمرحومة جميلة جميل في إعداد تقارير ميدانية ترصد نبض الشارع واستعداد المدينة. وتولى أرسلان حبيب وعبد المنعم علي سعيد المونتاج وتجهيز المواد للبث.

في أقل من أسبوع تغيّر وجه القناة بأكملها، وصارت برامجها تدور حول “خليجي 20”.

أما عدن، فبدت خارج أسوار القناة كعروس تتزين لعرس كبير:

شوارع نظيفة، إضاءة حديثة، كهرباء مستقرة، مياه، رادارات لضبط السرعة، إشارات ضوئية لتنظيم السير، وأجواء توحي بأن المدينة قررت أن تُظهر أفضل ما لديها.

وفي إطار تجهيز التغطية، برزت الحاجة إلى استوديو رياضي يخصص لتحليل المباريات واستضافة الصحفيين الرياضيين ولاعبي كرة القدم اليمنيين والحكام للحديث عن البطولة. وتمكن الطاقم الفني والهندسي من إعادة تأهيل استوديو كان متوقفاً، ليصبح جاهزاً للبث ويستضيف العشرات من نجوم الملاعب والمهتمين بالشأن الرياضي طوال أيام البطولة.

وفي المقابل، جهزت بعض القنوات العربية استوديوهات خاصة بها في الهواء الطلق، وقدمت قناة أبوظبي نموذجاً لافتاً حين اتخذت من سطح فندق عدن استوديو رياضياً مفتوحاً يطل على ميناء عدن في مشهد مسائي مميز، وكان لها حضور متقدم في هذا الجانب.

لسنا بصدد مقارنة الأمس باليوم، وإنما توثيق لحظة نادرة في ماضي عدن القريب.

جاءت ليلة الافتتاح. امتلأ استاد 22 مايو بوفود الخليج. ومن اللقطات الجوية ظهرت عدن جوهرة بحرية تتلألأ تحت الأضواء.

استخدم فريق التصوير طائرة هليكوبتر.قبل زمن الدرون. رامي عقربي وعبد الله رجب، أبدعا في اختيار الزوايا رغم مغامرة التصوير من مروحية بابها مفتوح. وشملت اللقطات مواقع عدة من زنجبار إلى الشيخ عثمان، ومن خور مكسر والمنصورة إلى البريقة وحُقات، حيث الملاعب التدريبية والفنادق والمنتزهات.

كانت عدن تحتفي بنفسها، وتحمل أملاً بأن يكون هذا الانفتاح بداية جديدة مع الجيران.

وفي 5 ديسمبر 2010، وصل الفنان حسين الجسمي بطائرة خاصة إلى عدن ليؤدي أغنية الختام، من إخراج المبدعة مايسة عبده سعد. أغنية لامست القلوب فرددها الجمهور:

أهلاً وسهلاً من حضر جانا

الأرض السعيدة وحيانا

أهل الخليج هُم وطن واحد

وتجمعوا في اليمن يازين

بعد الحفل سجّل الإعلامي القدير صلاح بن جوهر لقاءً سريعاً مع الجسمي في قاعة كبار الضيوف بمطار عدن الدولي، ثم غادرت الوفود والفرق الرياضية، وغادرت عدن حلمها الجميل.

قبل المغادرة، تابعت كاميرات القناة المنتخب الكويتي المتوَّج وهو يتجول في شوارع عدن وسط التهاني وأعلام الدول المشاركة.

وقد نقل تلفزيون الكويت بث قناة عدن مباشرة طوال الفعالية.

نجحت قناة عدن في أصعب اختبار إعلامي، وجعلت من المدينة محط أنظار المشاهد الخليجي والعربي.

ويظل “خليجي 20” فصلًا استثنائياً في سردية عدن الحديثة، اليوم الذي برهنت فيه المدينة قدرتها على التألق متى ما مُنحت الفرصة.

اليوم الذي غنّى فيه حسين الجسمي من قلب الشيخ عثمان.


د. خالد عبد الكريم

رئيس قناة عدن الفضائية الأسبق

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية