محلي

البنك الدولي: أكثر من 60% من الأسر اليمنية تواجه أزمة في تأمين احتياجاتها الغذائية

اليمن اليوم - خاص:

|
قبل 2 ساعة و 39 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

كشف أحدث إصدار من تقرير "المرصد الاقتصادي لليمن" الذي يصدره البنك الدولي أن الاقتصاد اليمني واجه ضغوطاً هائلة خلال النصف الأول من عام 2025، بسبب الحصار المستمر على صادرات النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتراجع حجم المعونات، في ظل تراكم آثار سنوات من الصراع والانقسام على مستوى مؤسسات الدولة. وأشار إصدار خريف لعام 2025 من التقرير بعنوان "التغلب على المصاعب المتزايدة وأوضاع التجزؤ المتفاقمة" إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من المتوقع أن ينخفض بنسبة 1.5% في عام 2025، وهو تراجع حاد ينذر بمزيد من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في جميع ربوع اليمن.

جدير بالذكر أن الأسر المعيشية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا تعاني من مصاعب اقتصادية حادة، حيث يعصف التضخم بالقدرة الشرائية. فبحلول يونيو/حزيران، ارتفع سعر سلة الغذاء الأساسية بنسبة 26% مقارنة بالعام السابق، نتيجة انخفاض حاد في قيمة الريال اليمني بسوق عدن الذي بلغ أدنى مستوياته على الإطلاق بواقع 2905 ريالات للدولار الأمريكي في يوليو/تموز. وأدت تدابير الاستقرار إلى دعم قيمة العملة، مما أعاد سعر الصرف إلى 1676 ريالاً للدولار في مطلع أغسطس/آب. ويبيّن التقرير أن إيرادات الحكومة المعترف بها دولياً تراجعت بنسبة 30% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما دفعها إلى خفض الإنفاق مما تسبب في تعطيل الخدمات العامة وتأخير دفع رواتب الموظفين الحكوميين.

أما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد أدت الضربات الجوية على الموانئ الإستراتيجية إلى تفاقم أزمة نقص السيولة، ونتج عن ذلك مزيد من القيود المفروضة على الواردات وصعوبة الوصول إلى السلع الأساسية. ويواجه القطاع المالي تحديات متزايدة مع انتقال البنوك من صنعاء إلى عدن لتجنب العقوبات والقيود التنظيمية. كما استمر انخفاض المساعدات الدولية، التي تمثل شريان حياة حيوي للملايين. وحتى سبتمبر/أيلول 2025، لم يتم تدبير سوى 19% من المبلغ المطلوب بموجب خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن والبالغ 2.5 مليار دولار، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات.

مع محدودية الدعم المقدم من المانحين، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتراجع فرص العمل ومعدلات التشغيل، تواجه أكثر من 60% من الأسر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين أزمة في تأمين احتياجاتها الغذائية، ما يدفع العديد منها إلى اللجوء لآليات تكيف سلبية مثل التسول.

بدورها، قالت دينا أبو غيدا، مديرة مكتب البنك الدولي في اليمن: "يعتمد تحقيق الاستقرار الاقتصادي في اليمن على تعزيز الأنظمة التي تضمن استمرار الخدمات وحماية سبل العيش". وأضافت: "استعادة الثقة يستلزم وجود مؤسسات فعالة، وتمويلاً مستقراً يمكن التنبؤ به، بالإضافة إلى إحراز تقدم نحو تحقيق السلام من أجل السماح باستئناف النشاط الاقتصادي وترسيخ أسس التعافي."

يتوقع التقرير أن تكون الآفاق الاقتصادية لعام 2025 شديدة القتامة، حيث إن استمرار الحصار المفروض على صادرات النفط، ومحدودية احتياطيات النقد الأجنبي، وتراجع الدعم من المانحين عوامل تعيق قدرة الحكومة المعترف بها دولياً على تقديم الخدمات الأساسية وتمويل الواردات الحيوية.

لكن على الرغم من ضخامة التحديات التي تواجه الاقتصاد، يسلط التقرير الضوء على مجموعة من الإجراءات الحيوية التي تضمن تعزيز الاستقرار على المدى القريب والتعافي على المدى الطويل. هذه التدابير تشمل تحسين إدارة المالية العامة، وزيادة تحصيل الإيرادات، وحماية الخدمات الأساسية، وخاصة عبر تطوير وبناء القدرات في قطاع الكهرباء. كما يشدد التقرير على أهمية الحفاظ على استقرار العملة وحماية القطاع المصرفي، من خلال تنفيذ الإصلاحات المرحلية الموضحة ضمن "خطة التنمية الاقتصادية والأولويات الملحة" التي أعلنتها الحكومة المعترف بها دولياً في ديسمبر/كانون الأول 2024.

هذا ولا تزال المخاطر التي تخيم على الآفاق الاقتصادية لليمن كبيرة. وفي ظل غياب تقدّم حقيقي نحو إحلال السلام، يبقى مستقبل التعافي غامضاً ومعقداً. ومع ذلك، فإن نجاح أجندة الإصلاح يمكن أن يساهم في إنعاش عجلة الاقتصاد، وإرساء أساس متين لتحقيق نمو مستدام.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية